الأحد، يوليو 10، 2016

بين " الإسلام السياسي " و " الإسلام الديمقراطي " - حركة النهضة نموذجاً

‘Islamism Is Dead!’ Long Live Muslim Democrats

مات الإسلام السياسى وعاش الإسلام الديمقراطى ! 

هكذا أوجز القيادى النهضوى { سيد الفرجانى } وهو يحتسى القهوة مع أحد الباحثين الغربيين كما نقلت النيويورك تايمز فى تقريرها عن دوى فصل حركة النهضة للنشاط الدعوى عن الحزبى بل وابتلاع الحزب للدعوة فصار دعاه النهضة التاريخيين رموزاً سياسية رغم سنوات عمرهم التى قضوها فى الدعوة والفكر الإسلامي " الإصلاحي " وكما أدلى زعيمها {الشيخ، راشد الغنوشي}، لجريدة "لوموند" الفرنسية، حينما أكد أنهم، في حركة "النهضة"، لا يرون أنفسهم قادمين، أي بعد مؤتمرهم ذاك، ضمن فصائل الإسلام السياسي، بل هم خارجون منه، وهم حزب مدني يطمح إلى صياغة ديموقراطية مسلمة له مرجعية قيم حضارية مسلمة وحداثية .كما أكد {الغنوشي}  أن خطوة الحزب لا تشير إلى التحول  «من الإسلام إلى العلمنة، بقدر ما كان انتقالا من نوع آخر، فهو تطور طبيعي عرفته كل ظاهرة حضارية، إذ تتطور من العام إلى الخاص، من الشمولية إلى التفرغ والتخصص داخل الدائرة نفسها، إذ شمولية الفكرة الإسلامية لا تقتضي ضرورة شمولية كل تنظيم يعمل على تمثيلها وتجسيدها في الواقع.

  وأضاف رئيس حركة النهضة أنّ “الدستور التونسي منع الجمع بين السياسي والديني وبات لا يحق لأي شخص أن يكون قيادياً سياسياً وعضواً قيادياً في ذات الوقت، في جمعية دعوية، لذلك فإن تغيّرنا جاء بالتفاعل الإيجابي مع الثورة ودستورها”..
وحول مصطلح الإسلام السياسي، أكد الغنوشي أنه “مصطلح غربي “جاء ليصف الأحزاب السياسية التي لها ارتباطات وأنشطة ذات طابع ديني.”، مضيفاً “هذا المصطلح أصبح مرتبطاً بالعنف”.
وشدّد الغنوشي على أنّ القرار الذي اتخذته حركة النهضة “لا يؤشر على فشل العمل السياسي الإسلامي لكنّ المصطلح بات مرتبطاً بجماعات معينة تريد حركة النهضة أن تختلف عنها، وتسمي قياداتها بالمسلمين الديمقراطيين بعيداً عن الذين يمارسون العنف والإرهاب”.
(1)
بديهى أن يحدث هذا التحول " المفاجىء " - رغم أن أرهاصاته بدات منذ 2011 - صدى واسع تخطى حدود تونس الخضراء ليصل بقاع العالم وتلقف المتابعون الاحداث كل حسب غايته وفهمه فهناك من رأى التحول علمنه كاملة وتطبيع مجانى مع خصوم الحركة - قد يراهم البعض خصوماً للإسلام ذاته ! - وبعض خصوم الحركة يراها تكتيك مرحلى وخدعة مفاهميمية براغماتية  فقط لتخدير المجتمع الحداثى العصرى والقيم البورقيبية  نتيجة فشل سياسات ما سمى ( الإسلام السياسى ) فى دول الربيع العربى وخصوصا مقر التنظيم الأم " مصر " والأخرون رأوها فصلا إجرائياً ووظيفياً مع الاعتقاد بشمول الاسلام (الغاية)الذى لا يستلزم شمول الحركة (الوسيلة) وهذا الشمول الأغر من الظلم تحميله كاملاً لحركة بشرية اجتهادية خوفاً من تماهى التطبيق البشرى مع عصمة الرسالة ذاتها "فمنطق الدعوة هو الاكتساب، ومنطق السياسة هو المغالبة، فغاية الدعوة كسب الخصم، وغاية السياسة غلبة الخصم، والجمع بين المنطقين يضر بكل منهما، وتعقيد المجتمعات المعاصرة يحتاج حلولا معقدة، من ضمنها الفصل بين الوظائ ف الاجتماعية المختلفة" كما يأتي في سياق سعي تلك الحركات للتكيف مع تحديات اللحظة الراهنة، وتجنيب جسم الدعوة الأكبر تبعات التضييق والملاحقة والقمع، مع ممارستها للعمل السياسي كأحزاب مستقلة وفق ما تسمح به قواعد اللعبة الديمقراطية في ظل موازين القوى السائدة والنافذة.كما يرى الاكاديمى الموريتانى (محمد المختار الشنقيطى)
(2)
وقد أشرنا سابقاً إلى :
 "المقصود بالتمييز الواضح بين الدعوي والحزبى: هو التمييز العملي التنظيمي التخصصي وليس على أساس علمي أو عقائدي أو فكري، فليس لمؤمن أن يعتقد أن السياسة ليس لها علاقة بالدين لكن الذي نقوله: إن السياسي مهما ابتعد عن المجال الدعوي يجب أن يعتقد أن السياسة من الدين ويجب على الداعية أيضًا أن يوجه الناس في الأمور ذات الشأن العام، والذي نعنيه بالتخصص أن يكون هناك مَن تفرغ لآليات السياسة: الانتخابات، وقيادة الحزب، والدخول في الصراع السياسي. فالذي نقصده هو الفصل الوظيفي.فالعمل السياسي يتجه بالأساس إلى فروض الكفاية والعمل الدعوي يركز على فرض العين وفرض العين يلزم الجميع، لكن الدعوي يشرحها ويركز عليها ويربي الناس عليها، والسياسي يضع الحلول لإقامة فروض الكفايات لكن في النهاية لابد للجميع من مرجعية واحدة هي مرجعية الإسلام ،
ولا يتصور أن يكون للحركة أذرع سياسية أو حزبية أو اقتصادية أو غيرها بل يجب الفصل التام بين العمل الدعوى والتربوي كدور مجتمعي لا يهدف لتولى الحكم وبين العمل الحزبى كدور تنافسي أساسه الوصول للسلطة لتطبيق البرامج والرؤى القابلة لتغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة للشعب .
قضية أخرى ينبغي التأكيد عليها هي أن التمييز ينصب على ما هو دعوي بالأساس وبين ما هو حزبي تنافسي. بمعنى أن الداعية والعالم الشرعي لا يحجر عليهما الخوض في الشأن السياسي أو إبداء رأيهما، لأن هذا هو حق لكل أحد، لكن العمل الحزبي هو شأن تدبيري يدخل في التفاصيل والآليات بشكل مباشر، كما هو أيضًا عمل تنافسي. لكن قبل ذلك ينبغي العمل على ترسيخ الفصل بين الرموز الدعوية والرموز الحزبية فيقع موقع الداعية موقع الدعوة والرأي بعيدًا عن الشأن الحزبي أو التبني السياسي لأطروحات حزبية ما"

(3)

يظهر جلياً أن هذا الطرح هو طرح أيدولوجية جديدة يمكن وصفها ب ما بعد الإسلامية -كان الباحث الفرنسي أوليفييه روا أوّل من بشر بـ«ما بعد الإسلام السياسي»، وذلك في كتابه «فشل الإسلام السياسي» الصادر في عام 1992 - ويمكننا القول أن أسس هذا الاتجاه تتمثل فى : 
 (لا ترى فى الصراع الهوياتى مجالاً للتنافس الحزبى بل تنافس برامج ورؤى وآليات لا مجال فيها لنصرة الدين أو تمكينه  وهي موازنة مقصودة مع الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا الغربية التى تتخذ من القيم الاخلاقية المسيحية إطاراً عاماً لضبط رؤاها ، ويرى هذا الاتجاه أن دور الدولة حيادى فى القضايا الدينيه فليس من مهام الدولة الحديثة فرض نمط تدينى معين على الشعب بل يؤمن بالمساواة التامة بين المواطنين دون تفرقه فى المذهب أو الجنس أو اللون ..كما يثير انتباهنا إلى حسم الحركة قضية مفصلية فى الفكر الحركى الإسلامى المعاصر وهو " أممية أم قُطرية " التنظيمات فى العالم الإسلامى إلى فك الارتباط التام مع اى تنظيمات دولية أممية عابرة للقارات بل الاطار الوطنى المحلى وأن الحدود ليست تراب ووضع الوطن قبل الحركة حتى لو أدى لتقييد الحركة فالاجدى هو أن يكون التنظيم جزء من الدولة الديمقراطية الحديثة لا تنظيم مواز لها أو مضاد لفكرتها التعددية المعاصرة ، كما يلاحظ بوضوح ان " الخلافة الكلاسكية " ليست من أصول العقيدة أو النهضة الاسلامية المأمولة أو حتى غاية كبرى  فى أدبيات التحول الجديد بل تعلى من فقة الواقع وفقه الموازنات مقابل فقه المأمول )
يهمنا الإشارة فى النهاية أن هذا المخاص العسير لم يتم إخراجه بالشرح الوافى لبلورة هذا الطرح الاجتهادى خصوصاً مع وأد  النشاط الدعوى لصالح النشاط الحزبى دون إشارة إلى كيفية تنظيم العمل الوعظى والخيرى فى مؤسسات المجتمع المدنى الأخرى مع تمدد الفكر الراديكالى فى بعض المناطق كجبل الشنعانى والقصرين والكاف ، فكان من المتصور أن تبقى الحركة كما هى تؤدى دورها الدعوى والتربوى والخيرى ضمن قانون الجمعيات بجهود للدعاة الكاريزميين كالغنوشى ومورووالعكروت وغيرهم  ويتم إنشاء حزب سياسى جديد تعددى يمارس الأنشطة التنافسية الحزبية وتقديم الحلول الاقتصادية والاجتماعية للمشكلات اليومية للمواطن التونسى بجهود القادة المنغمسين فى الحياة الساسية كالجبالى والجلاصى والعريض وغيرهم ,,,
يبقى من المهم أن يبرهن الحزب  أن ما قيل قديماً عن أن الغنوشى زعيم له حركة لا حركة لديها زعيم غير دقيق بتقديم مزيد من الكوادر الشابه والنسائية ، وأن التجديد والتطوير والمراجعه أساس العمل البشرى الاجتهادى الناجح بعيداًُ عن ثقافة الأقطار المجاورة من  (المحن المتوالية ، المؤامرة الكونية ، فقه الاستضعاف) وهو مالا مجال له فى الممارسة التدافعية الحديثة.
**************************************** 

نُشر هذا المقال على ثلاث مواقع الكترونية هى :

" بوابة الإسلاميون"  ، "العاصمة نيوز" وعلى " شبكة الإسلاميون "

**************************************************

المصادر :

3- http://arabi21.com/story/910496/%D8%B9%D9%86%D8%A7%D9%82-%D9%88%D9%84%D8%AD%D8%B8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%A4%D8%AB%D8%B1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88#tag_50159
5- http://www.albawaba.com/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A-845470
 6- http://www.alrai.com/article/791671.html


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق