الأحد، مايو 31، 2015

المدخليًة المصرية .. النشأة والرموز والأصول العقدية - الجزء الاول

(1)


يعرف هذا التيار  "بالجامية "نسبة لمحمد أمان الجامي الاثيوبي الاصل وهو المؤسس الحقيقي لهذا التيار أو يلقبون بـ "المدخلية " - وهو الإسم المتداول والذى سنستخدمه فى هذه الدراسة - نسبة الى "ربيع بن هادي المدخلي"  كما يسمى بتسميات أخرى مثل " سلفية المدينة " والذي يقوم أساس منهجهم على رفض الطائفية والفرقه والتحزب وطاعة الحكام مطلقاً والتخصص فى الجرح والتعديل ورفض العمل الجماعى واعتبار الحكم بما أنزل الله أمر فرعى وليس أصل عقدى .


يصفهم خصومهم بأنهم أدعياء السلفية، وبعضهم سماهم بغلاة الطاعة، وسماهم آخرون بخوارج الدعاة مرجئة الحكام، وفريق أخر لقبهم  بمرجئة العصر،بينما كان أشهر أسماءهم الأكاديمية هو (الجامية)، وهم ينفرون من كل هذه الأسماء ويتسمون بالسلفية ، وينسبون أنفسهم إلى السنة والأثر والسلف ، وينسبون أنفسهم  لكبار علماء العصر  كابن باز والألباني، والعثيمين والفوزان والعباد وهيئة كبار العلماء وغيرهم

ولايعنينا الإسم  بل المضمون، فالأشاعرة ما اشتهرت بهذا الاسم إلا بعد موت مؤسسها بزمن، مع أن ردود العلماء عليهم من بداية خروجهم. وبالتالى فالمسمى للتمايز والتفرقة 

يقوم منهجهم العقدى على رفض الطائفية والفرقه والتحزب وهي بالتحديد تصنف ضمن التيارات السلفية، من أدبياتهم الأساسيةعدم جواز معارضة الحاكم مطلقاً، وعدم إبداء النصيحة له في العلن، وتعتبر ذلك أصلاً من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، ومخالفة هذا الأصل يعتبر خروجاً على الحاكم المسلم - في مذهبهم 


يتميز التيار الجامى عن غيره من التيارات السلفية في اعتباره أن الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان، ومن هذا الأصل والمنطلق تشن هجومها الحاد على الجماعات الإسلامية والحزبية لأنها ضد مفهوم الجماعة - في رأيهم - ومن ثم فهم خوارج على النظام ومبتدعة في الدين، فالهدف الرئيسي عند المداخلة يتمثل في إنهاء الفرقة في الأمة والتفافها حول سلطانها.
ظهرت هذا التيار بعد تحرير الكويت عام 1991 في دول الخليج العربي والجزائر، وأحياناً يطلق عليهم الجامية نسبة للشيخ محمد أمان الجامي لتشابههم مع منهجه في بعض الأمور وخاصة أن ربيع المدخلي كان أحد أنجب طلابه.
يرون قصر الإيذان بالجهاد إذا توفرت شروطه وفق الكتاب والسنة فقط، وإنكار المنكر وفق الضوابط الشرعية، وعدم إبداء النصيحة للمسؤولين إلا سراً، ويؤمن المداخلة بأن كل حاكم مسلم تجب له السمع والطاعة ، أما الكافر إذا كان بالمقدور نزعه دون نزول الدم من المسلمين فيجب نزعه وإلا فيصبر المسلمون حتى يقض الله أمراً كان مفعولا ولي أمر له السمع والطاعة.

من أبرز رموزهم فى الوطن العربى  : (محمد آمان الجامي ، ربيع بن هادى المدخلى ،  فالح الحربى ، عبد الله السبت ، على الحلبى ، سليم الهلالى ، عبد المالك رمضانى ،محمد المغراوى )


بينما أشهر رموزهم فى مصر :(محمود لطفي عامر – أسامة القوصي – محمد سعيد رسلان – طلعت زهران – أبو بكر ماهر بن عطية – جمال عبدالرحمن – على حشيش – عبدالعظيم بدوي – محمد الأباصيرى – محمود عبد الرازق الرضوانى – هشام البيلى) وقد اخترق بعضهم جمعية " أنصار السنة المحمدية " وكتبوا فى مجلتها الشهرية وقامت مناوشات فكرية بين منهج الجماعة ومنهج المداخلة ..

 

لم يختلف "المداخلة" عن غيرهم من التيارات السلفية السلمية في اعتقادهم بعدم الخروج على الحاكم المسلم وإن كان فاسقا ولا يختلفون عن غيرهم أيضا من أنهم اعتبروا أن الخروج على الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه كان سبب الفتنة التي وقعت بين صحابة رسول الله وأن الخروج على ولاة الأمور هي السبب الفرقة والضعف والخوار الذي أصاب الدولة الاسلامية ..
الا أن المداخلة خلافا لكثير من التيارات السلفية تعتبر أنه لايجوز معارضة الحكم مطلقا ولا حتى إبداء النصيحة له في العلن وتعتبر ذلك أصلا من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة ومخالفة هذا الأصل يعتبر خروجا على الحاكم المسلم!


كما أن المدخلية تعتبر أن الاعتراف بالحاكم و الولاء له وحده لايكفي اذا لم يتم الاعتراف بمؤسسات الدولة الأخرى منصب المفتي مثلا أو بمؤسسة الأزهر كما أنه ليس لأحد أن يخرج عن فتوى علماء البلاد الرسميين فإذا حلل هؤلاء العلماء فوائد البنوك فإنه على الرعية المسلمة في هذه البلد الاذعان لتلك الفتوى وعدم مخالفتها ومن يخالف ذلك فإنه على طريق " الخوارج "!


كما تتمايز المدخلية عن غيرها من التيارات السلفية في أنها تعتبر أن الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان ومن ثم فهي تشن هجوما حادا على أية عمل جماعي وتناهض الجماعات الاسلامية والحزبية لأنها ضد مفهوم الجماعة في رأيهم ومن ثم فهم "خوارج "على النظام ومبتدعة في الدين وهجومهم عليهم تهدف الى انهاء الفرقة في الأمة والتفافها حول سلطانها .


استدراك (1) : قال ابن الجوزي _ رحمه الله _ في " صيد الخاطر " ( 43 ) : " ورأيت أقواماً من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عز وجل إليهم في الخلوات فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات فكانوا موجودين كالمعدومين ، لا حلاوة لرؤيتهم، ولا قلب يحن إلى لقائهم " .

(2)

صراع " المداخلة" مع" الجماعات"

بما أن الجذور والمنابع المنهجية للمداخلة -سعوديون ومصريون -واحدة فإن الاخوان كانوا على أجندة هجمات المداخلة المصريون بل زادت هذه الهجمات قوة وشراسة في الساحة المصرية على مايبدوا بسبب قوة الاخوان في مصر وانتشارها العددي والفكري في مقابل الزحف السلفي الآخذ في التمددأيضا .بما استدعى تكثيف الهجوم على الاخوان بما يناسب قوة وتوغل الجماعة في المجتمع المصري .
فالسلفية المدخلية ظهرت على السطح كتيار يحارب العمل الجماعي المنظم عموما والمعارض للدولة على وجه الخصوص والذي "ينازع الأمر أهله" بشكل أدق والاخوان تتوافر فيهم كل هذه الصفات وبالتالي ينزل عليهم حكم المداخلة بأنهم " خوارج " و"مبتدعة في الدين " واحدى الفرق الضالة "

فأسامة القوصي الذى كان جهادياً ثم تحول لجامياً بعد ملازمته للمحدث اليمنى الجامى "مقبل بن هادى الوادعى" صاحب الكتاب الأشنع " إسكات الكلب العاوى ..يوسف بن عبد الله القرضاوى" -  في محاضرة له وصف جماعة الإخوان المسلمين بأنها " أخطر جماعة في مصر " وبأنها " فكرة شيطانية " ومن تحت عبائتها خرجت جماعة التكفير والهجرة وحزب التحرير والجماعة الاسلامية ودعا الرجل في أكثر من موضع الى حظرها عمليا إضافة الى حظرها قانونيا لمنع أسباب الارهاب الفكري إلا أن الرجل التمس للنظام العذر في عدم اسئتصالها نهائيا لأن الاخوان مخترقون – حسب تعبيره – لكل مؤسسات الدولة ولذا فليس من السهل أن يقتلع الإخوان من البلد " لأنهم أخطبوط وسرطان " لكنه دعا الجميع للتعاون في استئصالها .

وفي المحاضرة ذاتها أصل القوصي لهجومه على جماعة الاخوان قائلا : أن الدعوة السلفية النقية هي جماعة أفهام لا جماعة أبدان وهي جماعة ربانية أسسها محمد (ص) وليست جماعة بشرية كجماعة الاخوان المسلمين التي وضعها بشر لاعصمة له حتى لو غررت بالشعارات الاسلامية وذكر بمقولة النبي (ص) "دعوها فإنها منتنة " – يعني العصبية القبلية والحزبية – كما استشهد الشيخ بأن المهاجرين والانصار أسمائهم منزلة من عند الله لكنهم كادوا أن يتحزبوا على أساسها لولا أن النبي حذرهم والجماعة المسلمة جماعة واحدة لا جماعات .
ويخلص القوصي في محاضرته الى أن الجماعة المسلمة هي الدولة وهي السلطان ومن ثم فإنه سيحارب أية عمل جماعي خارج على النظام الدولة وسيناهض الجماعات الاسلامية والحزبية لأنها في رأيه ضد مفهوم الجماعة وحربه ضدهم تهدف الى إنهاء التفرق في الأمة وإلتفافها حول سلطانها .

كما يرى أن رموز الدعوة الإسلامية مثل (الحويني ومحمد حسان وياسر برهامي ومحمد عبد المقصود ومحمد الزغبي )وغيرهم من الأسماء التي يُشار لها بالبنان في الدعوة والعلم والمكانة والمنزلة في قلوب المسلمين ليسوا من السلفية في شيء، فهم دعاة بدعة وضلالة، ووجب التحذير منهم وتنفير الناس عنهم تقربًا إلى الله تعالى

استدراك (2) : قال العلّامة ابن منده: “قد عجبتُ من حالي، فإنّي وجدتُّ أكثر من لقيتُه إن صدّقتُه فيما يقولُه مُداراة له، سمّاني مُوافقًا، وإن وقفتُ في حرفٍ من قوله أو في شيءٍ من فعله، سمّاني مُخالفًا، وإن ذكرتُ في واحدٍ منهما أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك، سمّاني خارجيًا، وإن قُرِئ عليّ حديث في التوحيد، سمّاني مُشبّهًا، وإن كان في الرؤية، سمّاني سالميًا“.

كما ألف "محمود لطفي عامر" – صاحب فتوى قتل القرضاوى والبرادعى لمعارضتهما مبارك 2010 – كتابا تحت عنوان ( تنبيه الغافلين بحقيقة فكر الاخوان المسلمين ) شن فيه هجوما شرسا على جماعة الاخوان المسلمين بالاضافة الى عدد كبير من المقالات والمحاضرات الصوتية والمرئية اتهم فيها جماعة الاخوان المسلمين بأنها جماعة تكفيرية خوارجية تتبنى مفاهيم العمل السري بل ان الرجل تعرض الى رموز الاخوان بالنقد العنيف من خلال تتبعه لسيرهم ومذكراتهم وأقوالهم لاثبات أنهم مبتدعة يخالفون شرع الله وخصص عامر فصلا في كتابه يتهم فيه حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين بأنه صوفي وحزبي وهو اتهام من وجهة نظر الكاتب يجرح المتهم به ويسقطه .

وفي إحدى المحاضرات هاجم المنظر الأبرز للمداخلة المصريين الشيخ " محمد سعيد رسلان" - صاحب قناة " منهاج النبوة" والتى لا تبث سوى خطبه - عدد من رموز "جماعة الاخوان المسلمين "مستندا على كتب كتبتها تلك الرموز أو تصريحات صرحت بها الى الصحف لاثبات انحراف مناهج لجماعة.
فاعتبر رسلان أن ماقاله حسن البنا من أن خصومة الأمة مع اليهود ليست دينية لأن القرآن حث على مصاهرتهم ومصادقتهم وأن الاسلام شريعة انسانية قبل أن تكون شريعة قومية انحرافا عن عقيدة أهل السنة والجماعة وفهما مغلوطا وغريبا.
وفي المحاضرة نفسها هاجم رسلان المرشد الثالث لجماعة الاخوان عمر التلمساني لأنه اعترف في كتابه "ذكريات لا مذكرات" بأن في حياته بعض مالا يرضي المتشددين من الاخوان وغيرهم مثل حبه للرقص الافرنجي والموسيقى وحبه للانطلاق في حياته بعيدا عن التزمت الذي لم يقر به دين .

استدراك ( 3) ـ سُئِل الشيخ صالح الفوزان : سماحة الشيخ من هم علماء الجرح والتعديل في وقتنا الحاضر ؟.
الجواب : والله ما نعلم أحداً من علماء الجرح والتعديل في وقتنا الحاضر ، علماء الجرح والتعديل في المقابر الآن ، ولكن كلامهم موجود في كتبهم كتب الجرح والتعديل ، والجرح والتعديل في علم الإسناد وفي رواية الحديث ، وماهو الجرح والتعديل في سب الناس وتنقصهم ، فلان فيه كذا وفلان فيه كذا ، ومدح بعض الناس وسب بعض الناس ، هذا من الغيبة ومن النميمة وليس هو الجرح والتعديل. !

وعن رؤية السلفية "المدخلية" او ما يطلق عليهم "الرسلانيين" للسلفيين والانتخابات والوضع السياسي الحالي، يقول "هشام محمد زكي"، -أحد مؤسسي التيار الرسلاني في بني سويف، مدرس لغة عربية إعدادي بقرية كوم أبو خلاد بمركز ناصر-: "نحن نرفض الخروج على الحاكم، والإمام أحمد بن حنبل رغم ما تعرض له من إيذاء وتعذيب أثناء فتنة القول بخلق القرآن إلا أنه أمر بالسمع والطاعة للحاكم، وإذا قارنا اليوم بين السيسي والحكام المعتزلة في عهد أحمد بن حنبل، لرأينا مدى أفضلية الرئيس عبدالفتاح السيسي".
وحول الانتخابات قال زكي: "لن نشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ونحن بعيدون عنها ولا نؤيد أحد من أي اتجاه في الترشيح أو الانتخاب فكلها مخالفات شرعية تغضب الله، وكنا نتمنى أن يقوم الرئيس السيسي بتعيين البرلمان كله من ذوي الكفاءة، فالانتخابات فتنة ولا يقرها الشرع، وكان المفروض على الرئيس أن يختار هيئة استشارية له من ذوي الكفاءة وليس هناك داعٍ لإجراء انتخابات برلمانية من الأساس".
وأضاف زكي: "الانتماء لأي حزب سياسي أو جماعة دينية، هو مخالفة للشرع ولما كان عليه السلف الصالح، فالسلفيون اليوم وحزب النور التابع لهم مخالفون لمنهج السلف، والسلفيون يشكلون خطرًا على الإسلام وعلى الشعب المصري، والدولة المصرية، أكثر من الأحزاب العلمانية، قال تعالى "ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا" (الروم 30)، فهذه الآية دليل صريح على خطأ تصرفات هؤلاء وتقسيمهم الأمة لأحزاب سياسية وجماعات دينية.
حرب سلفية سلفية حول
وتابع زكي أن الشيخ محمد حسان، الذي أيد تلك الأحزاب السلفية ورحب بتأسيسها ودعا للانضمام إليها، كان قبل ثورة 25 يناير من أشد المحاربين لفكرة الأحزاب، وقال وأفتى بتحريمها، وذلك مسجل له بالصوت والصورة، موضحا أن الشيخ محمد حسان أيضًا كان يحرم التظاهر في عهد مبارك ويحرم الخروج على الحاكم، ولكن بعد ذلك رأيناه يقف مع الإخوان والجهاديين والسلفيين في خندق واحد في عهد محمد مرسي، عند جامعة القاهرة، ويتظاهر ويقود المسيرات، وأصبح مؤيدًا لفكر الخوارج، بحسب قوله.
واختتم زكي: "نحن كأتباع لفكر الدكتور محمد سعيد رسلان، نحرم الدعاء على الحاكم أو السلطان، ونرى أنه من السنة الدعاء له، والبدعة كل البدعة في الدعاء عليه".

المقال على : ( بوابة العاصمة الإخبارية



الثلاثاء، مايو 19، 2015

هل ذهب فضل " دكتور فضل" ؟ ! 2-2


(1)
إحدي أهم سمات "الدكتور فضل"، الانطواء والانعزال والبعد عن الحياة الاجتماعية، كانت مقابلته والالتقاء به من الأمور الصعبة حتي لأعضاء التنظيم الذين يعيشون معه في أفغانستان وبيشاور أو في معسكر الفاروق، كان سكرتيره الخاص يحدد خمس عشرة دقيقة للمقابلة بعد أن يقدر ضرورتها، مما أغضب الشباب حوله، لكنه الأمر الذي أهله لتحقيق النبوغ العلمي والتفرغ لتحصيل العلوم الشرعية والاطلاع علي أمهات الكتب في فروع الفقه وأصوله والعقيدة، ورغم اشتغاله المبكر بالعمل الحركي والتنظيمي، منذ شارك في تأسيس أول خلية جهادية عام 68 مع أيمن الظواهري، ثم توليه إمارة جماعة الجهاد التي تكونت في بيشاور 89، إلا أنه ما خُير بين الشرع والإدارة إلا اختار العلم الشرعي وترك الإدارة والإمارة طوعا، انعزل عن الإمارة وهو يمارسها فعلا فجعل الاختصاص لصديقه ورفيقه الدكتور أيمن الظواهري، وكان تفسيره لـ «البيعة السرية» أو ما 
وصفه بـ «البيعة لصفة التنظيم وليس لشخص بعينه».
يروى عنه المنظر الجهادى المستقل  المقيم فى لندن " د- هانى السباعى" – مدير مركز المقريزى للدراسات  التاريخية - : «الدكتور فضل من أفضل الذين ردوا علي (المرجئة) وأظهروا أباطيلهم، كما تناول قضية تعريف الإيمان التي وردت في حديث جبريل في منتهي الدقة»، ورغم هذا كله فإنه لم يغتر بعلمه، ولم ينكر أحد عليه ما وصل إليه حتي من اختلف معه، ربما هذه الصفات تفسر كثيرا سبب عدم تأثيره في بنية جماعة الجهاد عند تركه لها، رغم الحب الذي تمتع به، والهيبة التي تحققت له في نفوس أتباعه، لكن أحدا لم يتبعه عندما اختار طواعية أن يترك العمل التنظيمي ويغادر الجماعة، كانت صرامته وجديته سببا في عزلته الدائمة، عكس الدكتور أيمن الظواهري، الذي وإن اتسم أيضا بالهدوء وقلة الكلام إلا أنه كان دائم الصلة بالشباب منفتحا عليهم ملتصقا بهم.
(2)

دوى شديد أحدثته مقالة « المتاجرون بالإسلام » والتى نشرت على بعض المواقع الجهادية  والتى يتحدّث  فيها عن أن جهاز الأمن المصري في العهد الأسبق قد سمح للإخوان ومن وصفهم بأدعياء السلفية والفضائيات التابعة لهم بحرية النشاط , وذلك لصرف الشباب عن الالتحاق بالحركة الجهادية، فتضخمت تلك الجماعات التى ظلت مباحث أمن الدولة ترعى تسمينها طوال 30 سنة فى فترة حكم حسنى مبارك فى صفقات صريحة مع النظام ، مشيرا إلى أنه على الرغم من خلع مبارك فإن النظام باق كما هو لم يتغير بسبب تدخل الإخوان وأدعياء السلفية لإجهاض الثورة فى مقابل قبض الثمن ! وحسب ما جاء فى المقال، فإن معارضة شعبيّة وطنيّة حقيقية للنظام السابق ، كانت قد ظهرت بين صفوف الشعب المصري , لكن الإخوان سارعوا فى عرض خدماتهم بضرب هذه المعارضة فى مقابل مكاسب لهم ( وتم عقد صفقات ) مع النظام في هذا الشأن , وكله باسم الإسلام ، متابعا « لقد أتقن حسن البنا هذه اللعبة منذ أن حوّل جماعته إلى طابور تشريفات للملك فاروق يهتفون له (الله مع الملك)  فسمح لهم بالتمدد والانتشار
                                                                           
وكان البنّا يقدم خدماته للملك من ضرب الوفد إلى ضرب الشيوعيين فى مقابل السماح له بالتمدد والعمل على زيادة أتباعه بالشعارات الإسلامية التى كانوا ينقضونها على الدوام ، وينقضون إسلامهم بنصرتهم لحاكم لا يحكم بالإسلام.

وأشار الدكتور ( فضل ) إلى أن الإخوان يتحملون تبعات جرائم النظام السابق لأنهم أيدوه بل وشاركوه في رسم السياسات المدمّرة لمصر , كما أنّهم أعلنوا موافقتهم المسبقة على توريث الحكم لجمال مبارك , فقام مبارك بتسمينهم لمحاربة الحركة 
الجهادية، وهذا أقذر ما فعلوه على مدى تاريخهم الذى وصفه  بغير النظيف

وأضاف أنه فى عام 1990 وعندما كان يعمل جرّاحا” في مستشفيات المجاهدين الميدانيّة على الأرض الأفغانيّة ( أيام الجهاد الأفغانى ) كان يعمل معه كمساعد جراح الدكتور ( عماد عبد الغفور ) والذي عمل مساعدا” لرئيس الجمهورية الأسبق ( الدكتور مرسي ) ، حيث قال له الدكتور عماد , إن تلاعب حسن البنا بالإسلام وصل إلى الدرجة التى كتب له فيها الشيخ ( عبد الرحمن الوكيل ) رئيس جمعية أنصار السنة فى ذلك الوقت , رسالة فى مجلته بعنوان « يا بنّا , أقم وجهك للدين حنيفا! »

وقال إن الإخوان لم يتورعوا فى ارتكاب أقبح الكبائر التى سّماها الله بالفسق … من الكذب إلى الخداع إلى نقض الوعود والغدر بالحلفاء ، إلى المتاجرة بدماء الثوار، إلى الشماتة فى المظلومين، إلى التجسس على الناس والاستكبار على الآخرين ، وأتقنوا العيش على أوجاع الناس ، بل أتقنوا التلّون بكل الألوان والأكل على جميع الموائد ، فما ترك الإخوان وأدعياء السلفية شيئا من الكبائر إلّا وفعلوه

كما رمى  الداعية السلفى الشهير" محمد حسان" بالكفر على حد قوله، لأنه قال : ( إن الدكتور محمد مرسى له شرعية قرآنية ونبوية بالمعاندة لكلام الله .. ) ، واصفا إياهم بأنهم يلعبون بدين الإسلام كما يلعب الصبيان بكرة الشراب

وأكد أن كل من انتخب هذا الرئيس الكافر ( ويعني الرئيس مرسي ) أو أيّده أو عاون فى ذلك بأى دعاية أو تمويل ولو بقرش، ولو كانوا بالملايين، فهم كفار مرتدون، لأنهم أرادوا دوام حكم الكفر بمصر ولا عذر لأحد منهم بجهل ولا شُبهة ولا تأويل

وتمادى الدكتور فى تشديده على كفرهم بأن قال :… ( وكل هؤلاء المرتدين صلاتهم باطلة، وصلاة من صلى خلفهم باطلة، وعليه الإعادة وإن طال الزمن إن كان مسلما، ومساجدهم التى ينصرون فيها هذا الكفر هى مساجد ضرار، ومقرات أحزابهم هى مقرات للكفر بالله، مضيفا أنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وانشغلوا بفروج النساء من الختان إلى سن الزواج إلى نائب الفعل الفاضح
وتعلّموا نواقض الوضوء ولم يتعلموا نواقض الإسلام فوقعوا فيها، وظن بعض الناس أن هؤلاء مسلمون، فكرهوا الإسلام نفسه حتى خلع بعض النساء الحجاب

وتابع « لقد أصبح الرئيس الإخوانى يحكم بميليشيا حزبه ، يرسلهم ليحاصرون المحاكم ويهددون القضاة , بل ويمنعونهم من الدخول لقاعات محاكمهم لمزاولة أعمالهم ويرهب خصومه بهم ويسكت عنهم، فتحولت مصر إلى حكومة بلطجيّة وميليشيات تماما” كما يحدث في لبنان - على حد قوله


بينما كشف ( مُنظّر الجهادية السلفية ) أن زعيم تنظيم القاعدة ( أسامة بن لادن ) كان له دور فى رفع أسهم الإخوان لدى أمريكا   موضحا ذلك بقوله كانت كل الحركات الجهادية ببلاد المسلمين ذات أهداف محلية كمعارضة لحكام بلادها ، ولم تفكر يوما” فى الصدام مع أمريكا , إلى أن جاء ( الإخوانى السعودى بن لادن ) ليدفع ببعض هذه الحركات للصدام مع أمريكا لتحقق هدفين
الهدف الأول :… رفع أسهم ما يسمى بالإسلام المعتدل (جماعة الإخوان) لدى أمريكا كبديل مقبول ( في المستقبل ) ، فقامت أمريكا بالتعامل معهم ( على هذا الأساس ) لصد الحركات الجهادية وسحب الشباب منها ، لا لإقامة الحكم الإسلامى الحقيقى

والهدف الثانى : … هو إضعاف الحركات الجهادية بتلك الصدامات، وقد تحقق هذا منذ بدأ بن لادن صدامه مع أمريكا 1998، فضربت أمريكا جماعة الجهاد المصرية، ثم بعد تفجيراته فى أمريكا فى 11سبتمبر 2001 احتلت أمريكا أفغانستان وقامت بضرب وتشريد أكثر من 20 حركة جهادية من شتى بلاد المسلمين ( كانت تتخذ من أفغانستان مقرا لها ، ولم تكن متعاونة مع بن لادن ) بل كانت تعارض تصرفاته وتراها ضررا عليها، وظلت أمريكا تتعقب تلك الحركات كعدو حقيقى لها ، وتوقع بها الضربات وتلحق بها الخسائر حتّى ضعفت تلك الحركات الجهادية كثيرا فى مقابل تسمين الإخوان وتصعيدهم

وختم مُنظّر الجهادية السلفية قوله : إنه وبعد أكثر من ثمانين سنة من الدّجل والمتاجرة بالإسلام وخداع المغفلين باسم الدين، ( آلت للإخوان رياسة مصر وبرلمانها والنقابات والإعلام بوزارته وصحفه وإذاعته وتليفزيونه وفضائياته المتعددة، ومعهم مجلس حقوق الإنسان للتغطية على جرائمهم بحق المصريين وتجميل صورتهم، ومعهم التنظيم الدولى والتمويل السرّى، ومعهم أمريكا وإسرائيل ) …. إلا أنه من المؤكد أن الإسلام ليس معهم  !                                                       
(3)

بُعيد هذا الاضطراب الفكرى الذى مر به "الأمير" تهيأت الفرصة الذهبية لفضائيات الثورة المضادة أثناء حُكم الرئيس الأسبق " محمد مُرسى" – فك الله كربه -  المعنية بوصم الحركة الإسلامية بالرجعية والجمود والتطرف والإرهاب وإفشال تجربتهم فى الحكم  فاستضافه الإعلامى الليبرالى  الداهية " عماد الدين أديب " فى برنامجه " بهدوووء"

وفي اول ظهور إعلامي له بعد السجن فاجئ د "سيد امام الشريف" الساحة الإسلامية بتكفيرها جميعا وإلقاء أحكام الردة عليها، ورمي جميع قيادتها ودعاتها المشهورين بالكفر البواح بل وإستخدم مصطلح "مرتدين" وأعتبر "الإخوان المسلمين" طائفة من الفرق المارقة  ورئيسهم الذي يتبني الديمقراطية كبير الكفار.! واضاف أن كل من انتخب مرسى وغيره  وأيده يقع فى نفس دائرة الكفر وأكد أنه لا توجد دولة واحدة مسلمة حالياً ! والمذيع يتقمص دور المحايد باصطناع  ولا يقاطع الضيف بل ويناديه بفضيلتك دون أن يستضيف أحد علماء " الأزهر الشريف" للرد عليه أو حتى فتح التليفونات للمواطنين للمشاركة الحوارية كما يفعل فى العادة !

حتى بلغ مبلغ لم يصل أحد من العالمين قبله أثناء الحوار قائلاَ أن جميع حكام مصر منذ "محمد على" وحتى "مُرسى" كفار .! وبالطبع يكون هذا عنوان مثير ومطلوب للقناة لتضعه وسط شاشتها وكذلك تكرر الأمر باستضافة الإعلامي الماركسي " يوسف الحسيني " للأمير فى حلقة تعدت الساعة والنصف دون أن يبدى أى استغراب لهذه الافكار الشاذة على قناة " أون تى فى " المملوكة للملياردير القبطي المتطرف " نجيب ساويرس"!

(4)
الأمير شخص واحد .. وثلاث وجوه



مرحلة الثمانينيات والتسعينيات
سطر دكتور سيد إمام تصوره عن الأوضاع في كتابيه (العُمدة والجامع) ومختصره هو تكفير كل حاكم يحكم بغير ما أنزل الله بالإضافة إلى أنصاره و تكفير المشاركين في العملية الديمقراطية سواء الناخب أو المنتخب , ومن أراد التفصيل فليرجع إليهما

قبيل الثورة
سطر مراجعاته والتى نادى فيها فيها بتجنب القتل على الجنسية ووجوب عهد الأمان للذمى غير المحارب وحرمه استهداف السياح الاجانب وغيرها من أخطاء الممارسة الجهادية المعاصرة

بعيد الثورة
عاد ليكفر الحاكم بغير ما أنزل الله والمتمثل وقتها  في "مرسي" وكل من انتخبه وكل من شارك في الديمقراطية حتى من التيارات الأخرى وتحدث بتفصيل في هذه الأمور في سلسلة مقالات "المتاجرون بالإسلام" و " إخوان ولكن ليسوا شهداء وليسوا مسلمين" و " جمعة نصرة السفهاء ومساجد الضرار لا نصرة العلماء ومساجد المسلمين" ثم عاد لصومعته مرة أخرى منكفئاً على ذاته

اعتقد أن الأمير حالة سيكولوجية مليئة بالشغف والإصراروالتحدى  جديرة بالدراسة لأصحاب المراكز البحثية النفسية لبيان الاضطراب الفكرى الذى يصيب بعض القادة الكاريزميين ويؤثر على اجتهاداتهم المتغيرة باستمرار

 ولنا أن نسأل : هل ذهب فضل " دكتور فضل" ؟!

المقال على " بوابة العاصمة الإخبارية "  وعلى " بوابة الإسلاميون " 


******************************************************
المُلحقـــــــات :

1-مراجعات «الجهاد».. هدنة لالتقاط الأنفاس.. أم بداية جديدة؟
 جريدة " الوطن " القطرية  العدد 5848   07/09/2011 الأربعاء

2-تفريغ نصى لحلقة نقاشية بقناة الجزيرة الفضائية


3- حوار مع عماد أديب  ( يوتيوب)

وهنا تفريغ نصى لهذا الحوار : https://www.facebook.com/MrsymkWharqDmk/posts/179345592218098

4- حوار مع يوسف الحسينى ( يوتيوب)

5- حوار مع محمود الوروارى (يوتيوب)


6- أونا تنشر / سيد إمام : جميع حكام مصر منذ محمد على وحتى مرسى كفار http://onaeg.com/?p=985456

7- مُنظر المراجعات (سيد إمام) : الإخوان مرتدين ورأس الكفر أبو إسماعيل


8- ملخص الوثيقة بقلم دكتور فضل

www.jihadica.com/wp-content/uploads/2008/05/tarshid-al-jihad.pdf

9- عبد المنعم منيب : عرض الوثيقة http://www.sudaress.com/sudansite/850

10- الجهاديون الجدد:. فقيه القاعدة المتواضع: سيد إمام الشريف-  موقع " نقطة"

 http://www.noqta.info/page-73154-ar.html






الأحد، مايو 17، 2015

هل ذهب فضل " دكتور فضل" ؟ ( 1-2)

(1)
التعريف بالأمير:


الشيخ الدكتور ( سيد إمام ) كان أحد مؤسسي «مجموعة المعادي» وهي النواة الأولي لـ« تنظيم الجهاد » وكان علي رأس المجموعة بجانب الدكتور ( أيمن الظواهري) زعيم تنظيم " القاعدة " الحالى .

واسمه بالكامل حسبما ورد في القضية رقم ٨ لسنة ١٩٩٨ جنايات عسكرية المعروفة إعلامياً بـ« العائدون من ألبانيا » هو ( سيد إمام عبدالعزيز الشريف ) وله أكثر من اسم حركي وكنية، منها «الدكتور فضل» و«الدكتور سيد إمام» و«عبدالقادر بن عبدالعزيز»، والأخير هو الاسم المعروف به في أوساط الحركات الجهادية .

ولد الدكتور ( سيد إمام عبدالعزيز إمام الشريف ) ، في أغسطس عام ١٩٥٠ في مدينة بني سويف شمال الصعيد،
التحق بكلية الطب بجامعة القاهرة، متخصصاً في الجراحة العامة، وتخرج عام ١٩٧٤ بتقدير ( امتياز مع مرتبة الشرف الأولي ) .

جدير بالذكر أن جماعة الجهاد المصرية كانت قد اختارت للشيخ عبد القادر بن عبد العزيز أو الدكتور فضل لقب «مفتى المجاهدين في العالم»، كما أن صديقه أيمن الظواهري قد دفعه دفعاً نحو إمارة الجماعة بعد أن جمعتهما مدينة بيشاور على الحدود الأفغانية ـ الباكستانية في الثمانينات من القرن الماضي، وكان لهذا الاختيار مغزى خاص في نفس الظواهري يعكس رغبته في المحاكاة، وذلك بوجود عالم شرعي له ثقل يضاهي الشيخ عمر عبد الرحمن مفتى تنظيم «الجماعة الإسلامية». وكان الظواهري قد تعرف عليه في أروقة كلية الطب بجامعة القاهرة في عام 1968، وخلقت الزمالة بينهما مساحة للحوار، أثمرت عن صداقة ولدت قبل 40 عاماً في مناخ متأجج بعد انهيار المشروع الناصري. وتأصلت العلاقة بينهما مع طوفان الصحوة الإسلامية الذي اجتاحت مصر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات بعد تصالحه مع التيار الإسلامى لضرب التيار الشيوعى ، فخرج إمام إلى السعودية ليلحق به الظواهري بعد الإفراج عنه في عام 1986، وينطلق الصديقان بعدها إلى أدغال التجربة الأفغانية، إلى أن يختلفا ويفترقا حتى وصل بهما الحال حالياً للتشنيع والمباهلة .
 وفي عام ١٩٩٣ حدثت هزة كبيرة في التنظيم بسبب انكشاف جناح" طلائع الفتح "العسكري الخاص بتنظيم الجهاد،وقد احتدم الخلاف الداخلي على إثرها بين أعضاء الجماعة وقياداتها في السودان، التي طالبت بحضور أميرها الدكتور «سيد إمام» من باكستان التي ظل مقيماً فيها ، ولم يستجب « إمام » لمطلبهم , فطالب التيار المتمرد باستقالته من إمارة الجماعة , ومع استفحال الخلاف قرر الدكتور «إمام» تقديم استقالته من إمارة الجماعة ومن تنظيم الجهاد كله، وأبلغ ذلك قيادات التنظيم وأعضاءه في السودان، وهو الأمر الذي انتهي بعد ذلك باختيار الظواهري أميراً، بعد أن ظل التنظيم فترة دون أمير»على الأراضي السودانية في عام 1994 بعد أن جنح الظواهري بالتنظيم إلى دروب الخروج المسلح  في مواجهة النظام المصري، قبل أن ينتهى به الحال في أحضان تنظيم القاعدة بعد صفقته الشهيرة مع أسامة بن لادن عام 1998 في «الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين».

وذهب فضل إلى اليمن ليعمل باسمه الحقيقي، السيد إمام عبد العزيز، وفي مهنته الحقيقية كطبيب قبل أن تسلمه السلطات اليمنية إلى مصر ليمثل للحكم الصادر في حقه بالسجن المؤبد في قضية «العائدون من ألبانيا»، رغم أن الدكتور إمام لم يسافر قط إلي ألبانيا، بعد أن ذكر المتهمون اسمه صراحة كأمير لتنظيم الجهاد بينما بقي صديقه على الطريق الذي اختاره وأنطلق في كنف حكم طالبان مع رفيق جديد هو أسامة بن لادن الإسم الأبرز للجهاديين المعاصريين .

وبقي مسجونا حتى بعد قيام الثورة التي أطاحت برأس النظام فقط  , وكان آخر من خرج من سجنه في عهد "مجلس طنطاوى"  بالرغم من خروج كافة المعتقلين والسياسيّين من الجماعات الإسلامية وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الأسيق " محمد مرسى"  , وذلك بعد أن تقدّمت عائلته بالعديد من الطلبات والإلتماسات للمجلس العسكري للإفراج عنه فتم الإفراج عنه دون ضجيج ..


(2)
 18مارس 2007  أطلق الشيخ  (سيد إمام فضل الشريف) وثيقته التاريخية " وثيقة ترشيد العمل الجهادى فى مصر والعالم "  يدعو فيه «الحركات الجهادية الإسلامية» في مصر والعالم إلى «ترشيد عملياتها»، كما يستنكر فيه «ظهور صور مستحدثة من القتل والقتال باسم الجهاد انطوت على مخالفات شرعية ويرى أن الجهاد في الإسلام فريضة مستمرة وباقية، لكن «الجهاديين» مارسوا أخطاء عديدة، وصلت إلي حد المفاسد.

كما يشير  «الأمير» إلى  أن سفك الدماء، وإتلاف الأموال بغير حق، من أكثر الأشياء التي تجلب سخط الرب عز وجل .

(3)

ما بين الدهشة والذهول والارتياح والصدمة ... استقبل الكثير من المعنيين بالشأن الجهادى والمختصين فيه هذه المراجعات المفاجئة من داخل السجن  لان صاحبها له وزنه الثقيل داخل الأطر الجهادية ويحظى باحترام وتقدير بالغين داخلهم  وهو صاحب الكتاب الشهير الذى يعتبر " ما نفيستو" العمل الجهادى ( العُمدة فى إعداد الُعدة ) والذى ألفه فى 1988 ميلادى  وكذلك المرجع الضخم ( الجامع فى طلب العلم الشريف )  والذى يستدل به أجيال الجهاديين باستمرار  بجوار كتب الأستاذ سيد قطب وأخيه محمد قطب – رحم الله الجميع - .

وقد ساهمت المراجعات المذكورة مع ما سيقها من  مراجعات الجماعة الإسلامية 1997 ميلادى فى وقف  سيل الدماء وحفظت الأنفس والأعراض  وانهت  بذرة الخروج المسلح  وأعادت الدعوة لدفء المساجد وأحضان الناس ..

بينما  كانت تحليلات نخب الفكر متابينة  ما بين اعتبارها توبة جديدة واحقاق لمبدأ الدولة فى دحر السلاح بالقوة ولا عزاء للإقناع والحوار وما بين اعتبارها تراجعات تمت برضى أمنى داخل سجون " الطواغيت " وعملائهم . خصوصاً مع احتفاء جريدة " الشرق الأوسط " اللندنية بها ونشرها فى حلقات ثم نقلت عنها " المصرى اليوم " ! وهو ما أدى لاثارة الشكوك وعدم الارتياح لدى أبناء التيار الجهادى  والتى سرعان ما تبرأ أغلبهم مما جاء بها ونسى بعضهم فضل صاحبها ورماه الأخرون بالعمالة والاستسلام للطواغيت وأذنابهم .. .

- المقال على " بوابة العاصمة الإخبارية " 
- المقال على " إسلاميون "

الاثنين، مايو 11، 2015

وقفه منهجية مع كُتيب " الردّة عن الحريّة " 2-2

مآخذ منهجية على الوثيقة التربوية :

 من الأخطاء المتكررة لأبناء الحركة الإسلامية تاريخياً : رواية الحدث بعين المريد المفرط الحب لا الباحث المدقق مما يؤدى لتكرار الأخطاء بالكربون ووأد أى نيه للمراجعة بداعى الظروف المحيطة وتكالب العدا وشرف الخصومة يقتضى تأجيل أو عدم النهش فى المسجونين .. يضاف إلى ذلك الافراط التربوى فى تشكيل الوعى الجمعى بالأسلوب التربوى التجييشى المفعم بالشحن العاطفى النبيل على الأسلوب التربوى البشرى الناقد الغير معصوم والذى يراجع نفسه أول بأول
يقول د- ماجد رمضان فى رؤيته النقدية لكتيب الردة عن الحرية :
"وإن ما يمنع أبناء الحركة الإسلامية من تقييم المسارات بموضوعية والتعامل بتسامح مع وجهات النظر المخالفة أمران أحدهما :
1- الخلط أحياناً بين النموذج الإسلامى المعصوم والمقاربة البشرية فى فهمه وتنزيله ، وتصور أن التجربة التاريخية والمعاصرة لأى جماعة إسلامية اجتهاد محمود وصواب دائم وهو خلل أصولى وتربوى وحركى :
-خلل أصولى : لانة يفترض الصواب المطلق إلا فى المقطوع به
- خلل تربوى : لانه تزكية للذات الفردية والجماعية بالمعنى السلبى ويغيب عنها عُرف القسط ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا(135)  
( سورة النساء )
- خلل حركى : لأن الحركة التى يغيب عنها عُرف النقد والمراجعة تقع فى الجُحر مائة مرة ..
وأن استثارة العاطفة بدلاً من الفِكر هى طريقة تقليدية تستخدم لتعطيل التحليل المنطق ومناهج البحث الاجتماعية وبالتالى الحس النقدى للأفراد" (بتصرف بسيط)

 لا يفتأ الإسلاميون من رمى  خصومهم بتشويه صورتهم في وسائل الإعلام – وهو حق - ، ولكن  الراشد ومن خلال هذه الوثيقة يمارس الدور نفسه، فيلغي أي صفة معارضة نبيلة  لخصوم الإخوان على الساحة المصريّة ويجعلهم حصراً من المتآمرين عليهم والشيوعيين والملاحدة والصليبيين  أو من المشاركين في المؤامرة بدعم وتمويل خارجيَّين.وبالقطع الأيادى التى ساهمت بحسن نية أو بسوئها قد تم خداعها – ولا ريب أن نعترف أننا كنا منهم – ولكن التعميم إخلال للحق وانتصار للعاطفة.

كما يبتعد الداعية  كثيرا ً في توصيف مشهد الانقلاب في مصر عن النواحي السياسيّة والحزبيّة فيصوّر الأمر كما لو كان معركة فاصلة بين الإسلام والكفر وبين الحقّ والباطل. وهذا مستوى كان الإسلاميّون قد أوشكوا على التخلّي عنه، واقتربوا أكثر فأكثر من معالجة خلافاتهم السياسيّة بمنطق المصالح والعلاقات المتبادلة. لكن اتساع رقعة المشاركين فى مظاهرات 30 يونيو والمطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة ومفاجأة الحشد القوى جعلهم يلجأون إلى مثل هذه التوصيفات التى تثير العواطف وتشحذ الهمم وتساعد على التعبئة والهروب للأمام  ,مما يؤدى لصنم الثقة وتأجيل الحساب المتكرر بداعى عدم مناسبة الوقت !.
الموقف من الرجال جوهره تجاوز الحب والبغض والبعد عن الأحكام السماعية المسبقة فقد قال المفكر " الراشد "    من ص 52 : 62 متحدثاً عن "أبى الفتوح" نصاً (وقصة أبي الفتوح هي فصل في فقه الدعوة عنوانه: أن الله يحرس الدعوة إذا غفل الدعاة عن حراستها، فالموعظة فيها موجهة للدعاة ولا يكاد يفهمها من عامة الناس سوى القليل، وهي قصة عجيبة عندي فيها الدليل الكامل على أن عين الله تكلأ الدعوة وترعاها إذا كان الدعاة ضحية بعض البساطة ولا يجيدون فقه التوثيق والتضعيف ومفاد الجرح والتعديل، ويسترسلون مع العفوية وحسن الظن شِبرين زيادة. وذلك أن أبا الفتوح لم ينشأ مع الدعوة منذ شبابه الأول لتعجنه عجناً وتمحّضه تمحيضاً بالتربية العميقة، بل كان يعمل في الاتحادات الطلابية الإسلامية العامة، وهو نوع من النشاط عاطفي الأسلوب لا ينزل إلى القعر حيث مستوى التربية الزهدية والغوض في أعماق القرآن الكريم وموازينه) وبهذا الحُكم القاطع يكون قد حكم على جيل عبد المنعم أبو الفتوح وهم قادة التأسيس الثانى  بانهم ممن هبطوا بالبارشوت على التنظيم ولم يشفع لهم أنهم قادوا نواة العمل الطلابى الإسلامى وقت المحنة الثانية للجماعة حتى تم انضمام أغلبهم وأعادوا بناء الجماعة من جديد .
وفى ص 52 - حذفها فى الطبعة الثانية -يوغل فى الشخصنة وقذف المخالف فيقول نصاً : ( ولا ندرى إن كانت يده تلوثت بالدولار النفطى أم أنه قدمها خدمة مجانية ساذجة ولكن ندرى كما درى كل الناس أنهم أقصوه حين القسمة ولم يختاروه نائب رئيس أو وزير وما كانوا ليفعلوا ذلك لولا أنهم فهموا أنهم عوضوه مالاً من قبل فعاد يولول غاضباً على الشِلة الإنقلابية) 


استدراك 2: -أننا أصحاب دعوة أيها الأخوة ،ولايجوز أن ننزل عن مستوى دعوتنا الرفيع إلى حضيض التراشق برديئ الكلام،ولايعذرنا الله إذا تركنا هذا المستوى العالي الذي أكرمنا الله به بحجة أن غيرنا جرنا إليه،.اللهم أغفر لنا وله وأهدنا وإياه ولا تجعل غضبنا لأنفسنا ،ولا في عملنا شيئا من أهوائنا .إحياء فقه الدعوة – محمد أحمد الراشد ص238


ورد فى ص 54-55 : ((هناك أقدار ربانية أقصت الأخ " خيرت الشاطر " وكال بعدها المديح والثناء الطاغى على الرجل 
والسؤال الذى يطرح نفسه كيف يكون منعه من الإنتخابات الرئاسية قدراً ربانياً واستمراره نائباً للمرشد بجدارة ولياقة تامة ؟ هل هذا السبب الذى منع من أجله لا يقدح فيه كنائب للمرشد ويقدح فيه كرئيس لأكبر دولة فى الشرق الأوسط ؟ وما ذكره من رواية سعى " الشاطر" لتأسيس شركة طيران خاصة لنقل خمسة مليون شيعى لزيارة الأماكن الفاطمية هو ذم للرجل من حيث أراد مدحه و يحتاج رد من أسرة المهندس الشاطر حتى لو ارجعه لحسن نيه وقد يفهمه بعض المتربصين على أنه غلبة للجانب الاستثمارى البراجماتى  المجرد على الجانب العقدى الأصولى  مع إيمانى بفرية " نشر التشيع " فى عهد الرئيس مرسى - فرج الله كربه هو وجميع المظلومين .

 وقد  تعمق بشدة فى ايمانه بنظرية المؤامرة الكونية – وهى من ثوابت الإسلاميين التقليديين فى التفكير على مر العصور – حتى أنه اكتشف فجأة أن حكام مصر منذ عبد الناصر وحتى عدلى منصور وزوجاتهم  – عدا الرئيس الملائكى مرسى – كما وصفه – بالقطع-  لهم صلات يهودية حاقدة على الإسلام وأهله والعجيب أنه يستند لكتابات مواقع التواصل الاجتماعى  أو ممن سماهم " الثقات " أو تسريبات قيادة مخلصة فى الجيش كتويثق ومنهج أكاديمى علمى يطالب بتدريسه !

و لم يذكر صفات ومقومات الرئيس مرسى – فرج الله عنه – الفريدة والتى بمقتضاها سماه الرئيس القرآنى ليقنع القارىء بفضلة ومناقبه سوى أنه اختيار ربانى وهو خطاب تعبوى تجييشى لا يستند للمنطق والعقل..

علمونا قديماً أنه ينبغى لطالب الحق أن يستدل ثم يعتقد لا أن يعتقد ثم يستدل لانه من اعتقد ثم استدل لوى عنق النصوص وبتر القرائن ليستدل بها على صحة اعتقاده بينما من يستدل ثم يعتقد لا يخالجه شك أنه توصل لنتيجة  دون انحياز مسبق

وختاماً أورد الكاتب خمسة عشر منفعة منحها الإنقلاب للدعوة وهو أمر تربوى متفهم لشحذ الهمم ودفع اليأس والإحباط للصف المكلوم ولكنه أغفل ذكر سلبيات الإنقلاب ( مجتمعياً – دعوياً – حضاريًا) ففى طيات هذه المنحة محنة كبرى للمجتمعات الإسلامية فى المنطقة والقرآن الكريم لم يجد حرجاً فى تناول محنة أحد فى التحليل والرصد وتصوير الأخطاء مع أنه محنة قاسية وشديدة الوطأة على النفس المسلمة لمخالفة أمر النبى صلى الله عليه وسلم والتكالب على الغنائم ومتاع الدنيا، والمحنة هنا والثواب عليها شىء آخر لأن الثواب مرتبط بالبذل والإخلاص والله أعلم به فيجب أن يتم الفصل بين الأمرين .

إن التفسير التآمرى للتاريخ والأحداث والوقائع يوقعنا فى لون من الجبرية السياسية التى تسلبنا القوة والحصافة وتعوقنا عن محاسبة أنفسنا واكتشاف عيوبنا ومعالجة أمراضنا بتوصيف الدواء الناجح لها ولن يكون هذا متاحاً طالما تصورنا أن كل قصور أو خطأ مرده إلى تخطيط ماكر ودهاء عدو وليس من عند أنفسنا مع أن المنهج القرآنى يعلمنا أن نرجع باللوم على أنفسنا ونراجع ذواتنا مع حدث فى غزة احد ( قل هو من عند انفسكم)  وتصدير كباش فداء لتبرير الأخطاء بداعى حسن النية والطيبة والاجتهاد سيؤدى لتكرار الأخطاء بالكربون طالما المنهل المنهجى واحد الذى يستقى مفردات الاستعلاء الايمانى والتمايز والتمحيص وهو ما صنع أعداء كثر للحركة الإسلامية برمتها وقدم خدمة جليلة لخصوم التيار الإسلامى للتوحد والاتحاد لأفشالهم وما تجربة " جبهة الإنقاذ" التى ضمت مشارب شتى من ( يسار - ليبراليين - علمانيين غلاة - قوميين) عنا ببعيد..

نقطة أخيرة تتبادر إلى الذهن عند تقديم هذه القراءة النقديّة لوثيقة الراشد، هي ما يقدّمه من صورة تفاؤليّة لمستقبل الأحداث فى مصر بصورة زاهية. وهو أمر لا يتّفق مع توقّعاته بإمكانيّة نجاح الانقلاب في مصر لبعض الوقت. ولأن جموع الإخوان المسلمين كانت قد اعتادت هذا الخطاب الديني المفرط في العامل الغيبي، فإن من شأن ذلك أن يساهم ربما في عدم استفاقتها من صدمتها التاريخيّة وأن يمنحها آمالاً ليس لها رصيد من الواقع السياسي أو فرصة للمراجعة وإصلاح المسار ، فالانقلاب-وعلى الرغم من حالة التعثّر السائدة-  مضى ببعض الخطى والجهود لتثبيت نفسه وترسيخ سلطته.واكتساب اعتراف دولى واسع به يلحظه المراقبين ..
ختمة :

لن تعرف خطأ (أستاذك - معلمك - شيخك - جماعتك - مذهبك) إلا إذا استمعت إلى رأى مخالف وحجة مضادة ، لا يغرنك الذى يقدم إليك قد يبدو قوياً ومقنعاً منافحاً عن الحق وأهله ولن يظهر به عيب أو استدراك أو مراجعة إلا أذا استمعت للوجهة الأخرى وأعقلتها بتأنى وتجرد وإنصاف وإلا ستدور فى حلقة مفرغة لسنى عديدة..

::المراجع ::

-الردة عن الحرية – محمد أحمد الراشد1-
2- رؤية نقدية لكتاب الردة عن الحرية – ماجد رمضان
1-                                                                   3- الإخوان المسلمون والانقلاب .. قراءة نقدية – عدنان أبو عامر – المونيتور

المصدر : بوابة العاصمة : http://al3asemanews.net/news/show/138843