طالعتنا جريدة "الوفد" يوم الاحد الماضى الموافق 30 سبتمبر 2012 ميلادى بحوار مطول مع من وصف بانه "منظر التوحيد والجهاد فى سيناء"(1) الشيخ (أبو عاصم العزومى ) وكان العنوان صادماً ومخيفاً (مرسى كافر)!
ما بين الصدمة والشك والارتياب والتجاهل والتضخيم استقبل المصريون هذه التصريحات ولكن من المؤسف أن قلة ممن ينتمون للحركة الاسلامية اهتموا بالأمر ودرسوه وبينوه للناس حتى لا تختلط الامور
فما هوا لفكر الذى يحمله هذا الرجل وغيره، وكيف نشأ ؟ ، ولماذا الآن؟
كل هذا الأسئلة نحاول الاجابة عليها فى هذه الدراسة المختصرة
*نشاة فكر التكفير فى مصر:
يعتبر شكرى مصطفى هو المؤسس الحقيقى لفكر التكفير فى المجتمع المصرى فمن هو شكرى مصطفى؟
واحد ممن اعتقلوا مع "الإخوان" فى سجون عبد الناصر ابتداءاً من 65 وحتى وفاته ...لم يكن إخوانياً متشرباً الفكر الإخوانى الوسطى ولكنه كان متعاطفاً معهم حتى حدث له ولغيره ما حدث من تعذيب وحشى دفعه للأيمان بان معذبيه ليسوا مسلمين بل كفاراً مرتدين ولا يمتوا للإسلام بصلة . كان شيخه فى بلورة هذه الافكار الشيخ على اسماعيل(2) شقيق الشيخ عبد الفتاح اسماعيل الذى اعدم مع الشهيد سيد قطب - رحم الله الجميع- .
اعتنق شكرى مصطفى فكراً يتطابق مع "الخوارج" فى معظم جزئياته وكان ظهور هذا الفكر الجديد والدعوة إليه وافتتان الشباب المتحمس (المتهور) السبب الرئيسى فى تأليف الأستاذ حسن الهضيبى "المرشد الثانى للأخوان" - رحمه الله - لكتابه الأشهر {دعاة لا قضاة} فى محاولة لتحصين جماعة الاخوان من هذا الفكر الشاذ والخطير.
بعد خروج شكرى مصطفى من السجن أسس ((جمــاعــة المسلمــين)) والتى عرفت أعلامياً باسم ((جمــاعة التكفيـــر والهجــرة)(3) وتتركز منظومتهم الفكرية على عدة أسس :
1- اعتبار أن الألفاظ المعبرة عن سائر المعاصى كالظلم والفسق والسيئة ونحوها تعنى معنى واحد فقط وهو "الكفر المخرج من الملة" وبالتالى فكل من ارتكب مخالفة شرعية من هذه المخالفات وغيرها الواردة فى آيات القرآن الكريم والاحدايث النبوية فهو كافر كفر أكبر مخرج من ملة الاسلام.(4)
2- اعتبار أن الهجرة من دار الكفر (أى دولة لا تحكم بالشريعة) هى "واجب شرعى وحتمى" ولذلك سعوا للهجرة فى غياهب الجبال واعتزلوا المجتمع "الكافر".
3- آمنوا بفكرة " التوقـــف والتبيــن " وهى عدم الحكم على أى مسلم بكفر أو إيمان حتى يتبين كفره من إيمانه عبر عرض فكر جماعتهم عليه فإن وافق على فقد دخل الاسلام وإن أبى فقد أصبح كافراً .
4- الحكم بكفر من يتحاكم للقانون الوضعى أياً كان دافعه ولا يعتبرون فى ذلك استثناءات كحالات الإكراه أو الاضطرار أو الجهة بل يتمسكون بتكفير الكل ولا يفرقون بين القانون الوضعى المخالف للشريعة أو الموافق لها.
وبناءاً على أفكارهم هذه رفضوا علماء السلف وأقوالهم وكتبهم (5) بل وانتقوا من الاحاديث ما يؤيد مذهبهم وفسروا القرآن برايهم وفهمهم ورافضاو أى تفسير يخالفهم ولا يرتكزون على كتب تفسير ولا حديث ولا غيره بل العالم الأوحد بالنسبة لهم هو شكرى وحده .
ساهم بعض الدعاة فى التصدى لهذه الفرقة وكان من بينهم الشيخ الذهبى - رحمه الله- الذى انتقد فكرهم فى إحدى الأمسيات فما كان منهم إلا ان خطفوه وساوموا الحكومة على بعض المطالب ثم اردوه قتيلاً مما ألب الرأى العام عليهم بشدة واعدم شكرى ليلة زيارة القدس وباعدامه تشرذمت الجماعة وبقى بها اعداد قليلة خاملة متفرقة.
*أفكار "العزومى" ومدى متطابقتها لأفكار شكرى مصطفى:
محمد خميس العزومى المكنى بابى عاصم يوصف بانه "منظر تنظيم التوحيد والجهاد " المتواجد فى سيناء ، لا يعرف بدقة عدد أتباعه ولكن مصادر فكره تتلخص فى :
- مجموعة التوحيد لابن تيمية وابن عبد الوهاب - معالم على الطريق لسيد قطب - ملة أبراهيم لابى محمد المقدسى - العمدة فى إعداد العدة لعبد القادر عبد العزيز (سيد إمام الشريف ) المكنى بالدكتور فضل(6)
له بعض الكتب منها : التقية ضوابط وأحكام (قدم له الداعيان السلفيان أحمد فريد ووحيد عبد السلام بالى) - أضواء على ضوابط وأحكام التوحيد - أضواء على الحل الديمقراطى - الديمقراطية وآلياتها بين الإخوان والسلفيين - التوحيد وواقعنا المعاصر
ويلاحظ انها تدور فى فلك رفض الديمقراطية واعتبارها شركاً ووثناً يعبد من دون الله .
اعتقل أكثر من 4 مرات واتهم عام 2006 بتهمة " التنظير للسلفية الجهادية" بمصر
لا يوجد له كتب أو دراسات على المواقع الجهادية على شبكة الانترنت ولا يكاد يكون اسمه معروفاً لبعض الجهاديين ممن تواصلنا معهم .
*بعض آرائه : (طبقاً لحواراته مع الوفد ومع عمرو اديب ومع ريهام السلهى فى برنامجيهما):
- يرى أن الجهاد فى افغانستان ضد الاتحاد السوفيتى السابق ساهم فى خلخلة التوازن العالمى وهو ما كان فى غير صالح الدعوة الاسلامية لان وجود قطبين كبيرين كان ضمانه للتوازن كما يرى ان " الجهاديين " تم استخدامهم كورقة يلعب بها المخابرات الامريكية والسعودية والمصرية (وهو هنا يشير بخفاء لرفضه نظرية جهاد العدو البعيد التى ينادى بها القاعدة وحلفائها - سيشار اليها بالتفصيل بعد قليل - ).
- يرفض المراجعات كليةً ويراها اختراقاً من الأمن لأنها لم تفرق بين مرحلتى الاستضعاف والتمكين (7)
-يرى بردة كل من يرضى بالديمقراطية لانهم رضوا بالحل الديمقراطى وآلياته أهملوا شرع الله ووصف "جماعة الإخوان " و " "السلفيين " بالكفر ولم يتوان عى تكفير الرئيس مرسى بالاسم (تكفير معين) لانه حكم بالقانون الوضعى واستحل دماء المسلمين فى سيناء لاختلافه معهم فكرياً.
- يؤمن بوجود ثلاث مبادىء يكفر من ينكر احداها حتى وهى : 1- الايمان بالله قلباً وقالباً 2- الولاء لله تعالى والرسول والمؤمينن ( يقصد الولاء والبراء ) 3- الحاكمية لله تعالى فلا شريك له (مستقاه من بعض كتابات أبى الاعلى المودودى وسيد قطب رحمها الله)
- الحكم بما أنزل الله ركن من اركان التوحيد ( لم أر له سابقة فى شروحات التوحيد المتعددة)
- من اخطر ما يتباه ويتفق مع فكر التكفير والهجرة: فكرتى 1= جهاد العدو القريب وقد اعتمدوا على على القول بأن أنظمة الحكم فى العالم الإسلامى هى عدو قريب بينما الغرب هو عدو بعيد واستدلوا على ذلك بقوله تعالى " يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة " ومعنى يلونكم : الاقرب إليكم . 2- فكرة التوقف والتبين السالف شرحها أعلاه .
# وفى تعليقه على هذه الأفكار
أكد الشيخ ناجح ابراهيم (8)أن هذه الفكر ديدنه تكفير على شىء وتكفير عوام المسلمين وأشار الى أن التكفير هو أسوأ لوثة أصابت العقل الإسلامى فمهة الدعاة هى هداية الخلائق وتهذيب سلوكهم والاخذ بأيديهم إلى الجنة أما الفكر التكفيرى فلا يشغله سوى الحكم على إيمان وكفر الناس بل مهمته إخراج الناس من الإسلام الى ظلمات الكفر فالحكم على الناس مهمة القضاة ونحن دعاة ولسنا قضاة كما قال الهضيبى - رحمه الله - فالمؤسسات الحاكمة هى مؤسسات اعتبارية (يقصد الجيش والشرطة والقضاة وغيرها ) لا يلحقها وصف كفر أو إيمان فهلا لا تلحق الا بالإنسان المكلف شرعاً وهوا لشخص البالغ العاقل الراشد العالم بما يفعل وأردف قائلاً أن تطبيق الشريعة لا يكون الا بحسب وسع المجتمع فالتدرج فى الاحكام من وسائل الاسلام المرنة كتحريم الخكمر على 5 مراحل وكذلك الربا على 4 مرات
مصر دولة الاسلام منذ أن فتحها عمرو بن العاص ولم يقل أحد من علماء المسلمين المتقدمين او المتأخرين أن مصر يعلوها أحكام كفر او ما شابه كما تبنى فكرة الديمقراطية بضوابطها الشرعية حيث قال أن الديمقراطية ليست ديناً يعبد من دون الله ولا موازى للإسلام كما يتصور البعض فهى فكرة عبقرية لاختيار الحاكم جنبت الدول الانقلابات والنزاعات وكل مبادىء الشريعة جاءت مطلقة بينما الآليات تركت لعماء ومجتهدى كل عصر بما يلائمهم.
وأشار إلى أكبر خطر على الاسلام حالياً هو فكر التكفير بل خطر على الرئاسة نفسها فهو فكر يكفر بالمعصية ولا ينسب لاهل السنة والجماعة فهم كفروا حتى سيدنا على - كرم الله وجهه - بل سعوا فى قتله فالعقل التكفيرى يضن برحمه الله على خلقه ( ورحمتى وسعت كل شىء) وقد اخبر عنهم الرسول انهم يقلون أهل الإسلام ويدعون أهل الاوثان
وفى تعليقه على فكرة الحاكمية وفهم الخوارج لها قال هم يستدلون بالآية الكريمة(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ويسلموا تسليماً ) فليس المقصود بها كفرأو ايمان بل يقصد بها الايمان الكامل فالايمان يزيد وينقص بينما بخصوص الجزية فهناك نظرية فقهية اسمها غياب المحل فباشتراك النصارى معنا فى الجيش ودفاعهم عن ديار الاسلام انتفت الجزية عنهم مثل آيات الرقيق (عتق رقبة - اطعام المساكين ) فبنتهاء الجوارى يلزمنا الحكم الثانى .
الخلاصة :
يتشابه فكر "العزومى " مع "شكرى مصطفى " فى الحاكمية وجهاد العدو القريب والتوقف والتبين وكفر من يتحاكم للقوانين الوضعية ورفض الافكار المخالفة له بينما لم يتم التاكد من ترسخ فكرة الهجرة واعتبار ديار الاسلام ديار كفر (لصعوبة التواصل معه شخصياً ) .
__________________________________________________
(1) : يرفض إطلاق أى أوصاف على نفسه كمنظر الحركة الجهادية السيناوية وغيرها ويؤكد عدم انتمائه لاى تنظيم او حركه.
(2) أحد خريجي الأزهر، وشقيق الشيخ عبد الفتاح إسماعيل أحد الستة الذين تم إعدامهم مع الأستاذ سيد قطب، وقد صاغ الشيخ علي مبادئ العزلة والتكفير لدى الجماعة ضمن أطر شرعية حتى تبدو وكأنها أمور شرعية لها أدلتها من الكتاب والسنة ومن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في الفترتين: المكية والمدنية، متأثراً في ذلك بأفكار الخوارج إلا أنه رجع إلى رشده وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان ينادي بها.
(3) : سميت بذلك لأنهم كفروا المجتمع بأسره كما انهم هاجروا للجبال واعتزلوا المجتمع .
(4) يرد على ذلك الشيخ سفر الحوالى فى شرحه للعقيدة الطحاوية ( أهل السنة والجماعة لا يوجبون العذاب فى حق كل من اتى كبيرة ولا يشهدون لمسلم بعينه من النار لاجل كبيرة عملها بل يجوز ان يدخل صاحب الكبيرة الجنة بلا عذاب إما لحسنات تمحو كبيرته منه أو من غيره ، يعنى كمن له حقوق على الناس أول له ولد صالح يدعو له ويدخل فى ذلك الشفاعة .
(5) : واقع أقواله (53) أمام هيئة محكمة أمن الدولة العسكرية العليا (القضية رقم 6 لسنة 1977) والتي نشرت في الصحف يوم 21/10/1979:
ومما ورد على لسانه :
"إننا نرفض ما يأخذون من أقوال الأئمة والإجماع وسائر ما تسميه الأصنام الأخرى كالقياس. وبيان ذلك أن المسلم ملتزم فقط بما ذكر في القرآن الكريم والسنة المطهرة سواء أكان أمراً أو نهياً وما يزيد عن ذلك عن طريق الإجماع أو القياس أو المصالح المرسلة. فهو بدعة في دين الله. إن الالتزام بجماعة المسلمين ركن أساس كى يكون المسلم مسلماً، ونرفض ما ابتدعوه من تقاليد، وما رخصوا لأنفسهم فيه، وقد أسلموا أمرهم إلى الطاغوت وهو: الحكم بغير ما أنزل الله، واعتبروا كل من ينطق بالشهادتين مسلماً."
ورفض كل من أخذ بأقوال الأئمة أو بالإجماع حتى ولو كان إجماع الصحابة أو بالقياس أو بالمصلحة المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو في نظرهم مشرك كافر.
(6): سيد إمام الشريف (عبد القادر عبد العزيز اسمه الحركى فى كتبه) يكنى بالدكتور فضل ، يعتبر منظر تنظيم الجهاد ويعزو الكثيرون الى كتابيه ( الجامع فى طلب العلم الشريف) و ( العمدة فى إعداد العدة) باعتبارهما " مانفيستو " الفكر الجهادى المعاصر ، أطلق مراجعات جهادية ترفض ما آمن به سابقاً خصوصاً كتابيه السالف ذكرهما ونشر كتابين بعنوان ( وثيقة ترشيد العمل الجهادى فى مصر والعالم ) 2007 ورد على كتاب الظواهرى بكتاب ( التعرية لكتاب التبرئة) وبينهما خلافات شديدة ومباهلة.
(7) يقصد بمرحلة " الاستضعاف" عدم جواز حمل السلاح ضد العدو القريب وهو النظام بكامل أركانه طالما الحركة الجهادية فى مرحلة ضعف وعدم استعداد كافى للصدام المسلح مع الدولة فاختيار الوقت المناسب يلزم اعداد العدة والعتاد والكافيين وحالما توافرات هذه الشروط وجب الجهاد فوراً داخل ديار المسلمين وهو مفهموم" التمكين"/ لذلك قال "العزومى" بعدم جوازالجهاد ضد الكيان الصهيونى حتى نعد العدة
(8) واحد من أبرز مؤسسى وقيادات "الجماعة الاسلامية " ساهم بقوة فى فكرة
المراجعات وله أكثر من ستين كتاباً ينافى افكار العنف والخروج المسلح، سجن اكثر من 25 عاماً ويعتبره الكثيرون نبراساً للوسطية والاعتدال بعد طول عناء ومعاناة من أفكار التكفير والعنف وتجاربة يحتذى بها قديماً وحديثاً.
المراجع:
1- خريطة الحركات الاسلامية فى مصر "دراسة "- عبد المنعم منيب - الشبكة العربية لحقوق الإنسان 2009
2- قواعد فى التكفير "مقالة " لأبى بصير الطرطوسى
3- التكفير وضوابطه "درس مفرغ" - سفر الحوالى
4- وثيقة ترشيد العمل الجهادى فى مصر والعالم " حلقات منشورة "- سيد إمام الشريف جريدة الشرق الاوسط اللندنية
5- لقاءات الشيخ أبو عاصم العزومى مع جريدة الوفد (حوار) والقاهرة اليوم و90- دقيقة (اتصالات تليفونية)
6- شرح العقيدة الطحاوية "محاضرات" - سفر الحوالى
7- وقفات مع وثيقة ترشيد العمل الجهادى "دراسة غير منشورة" - أحمد خليفة
ما بين الصدمة والشك والارتياب والتجاهل والتضخيم استقبل المصريون هذه التصريحات ولكن من المؤسف أن قلة ممن ينتمون للحركة الاسلامية اهتموا بالأمر ودرسوه وبينوه للناس حتى لا تختلط الامور
فما هوا لفكر الذى يحمله هذا الرجل وغيره، وكيف نشأ ؟ ، ولماذا الآن؟
كل هذا الأسئلة نحاول الاجابة عليها فى هذه الدراسة المختصرة
*نشاة فكر التكفير فى مصر:
يعتبر شكرى مصطفى هو المؤسس الحقيقى لفكر التكفير فى المجتمع المصرى فمن هو شكرى مصطفى؟
واحد ممن اعتقلوا مع "الإخوان" فى سجون عبد الناصر ابتداءاً من 65 وحتى وفاته ...لم يكن إخوانياً متشرباً الفكر الإخوانى الوسطى ولكنه كان متعاطفاً معهم حتى حدث له ولغيره ما حدث من تعذيب وحشى دفعه للأيمان بان معذبيه ليسوا مسلمين بل كفاراً مرتدين ولا يمتوا للإسلام بصلة . كان شيخه فى بلورة هذه الافكار الشيخ على اسماعيل(2) شقيق الشيخ عبد الفتاح اسماعيل الذى اعدم مع الشهيد سيد قطب - رحم الله الجميع- .
اعتنق شكرى مصطفى فكراً يتطابق مع "الخوارج" فى معظم جزئياته وكان ظهور هذا الفكر الجديد والدعوة إليه وافتتان الشباب المتحمس (المتهور) السبب الرئيسى فى تأليف الأستاذ حسن الهضيبى "المرشد الثانى للأخوان" - رحمه الله - لكتابه الأشهر {دعاة لا قضاة} فى محاولة لتحصين جماعة الاخوان من هذا الفكر الشاذ والخطير.
بعد خروج شكرى مصطفى من السجن أسس ((جمــاعــة المسلمــين)) والتى عرفت أعلامياً باسم ((جمــاعة التكفيـــر والهجــرة)(3) وتتركز منظومتهم الفكرية على عدة أسس :
1- اعتبار أن الألفاظ المعبرة عن سائر المعاصى كالظلم والفسق والسيئة ونحوها تعنى معنى واحد فقط وهو "الكفر المخرج من الملة" وبالتالى فكل من ارتكب مخالفة شرعية من هذه المخالفات وغيرها الواردة فى آيات القرآن الكريم والاحدايث النبوية فهو كافر كفر أكبر مخرج من ملة الاسلام.(4)
2- اعتبار أن الهجرة من دار الكفر (أى دولة لا تحكم بالشريعة) هى "واجب شرعى وحتمى" ولذلك سعوا للهجرة فى غياهب الجبال واعتزلوا المجتمع "الكافر".
3- آمنوا بفكرة " التوقـــف والتبيــن " وهى عدم الحكم على أى مسلم بكفر أو إيمان حتى يتبين كفره من إيمانه عبر عرض فكر جماعتهم عليه فإن وافق على فقد دخل الاسلام وإن أبى فقد أصبح كافراً .
4- الحكم بكفر من يتحاكم للقانون الوضعى أياً كان دافعه ولا يعتبرون فى ذلك استثناءات كحالات الإكراه أو الاضطرار أو الجهة بل يتمسكون بتكفير الكل ولا يفرقون بين القانون الوضعى المخالف للشريعة أو الموافق لها.
وبناءاً على أفكارهم هذه رفضوا علماء السلف وأقوالهم وكتبهم (5) بل وانتقوا من الاحاديث ما يؤيد مذهبهم وفسروا القرآن برايهم وفهمهم ورافضاو أى تفسير يخالفهم ولا يرتكزون على كتب تفسير ولا حديث ولا غيره بل العالم الأوحد بالنسبة لهم هو شكرى وحده .
ساهم بعض الدعاة فى التصدى لهذه الفرقة وكان من بينهم الشيخ الذهبى - رحمه الله- الذى انتقد فكرهم فى إحدى الأمسيات فما كان منهم إلا ان خطفوه وساوموا الحكومة على بعض المطالب ثم اردوه قتيلاً مما ألب الرأى العام عليهم بشدة واعدم شكرى ليلة زيارة القدس وباعدامه تشرذمت الجماعة وبقى بها اعداد قليلة خاملة متفرقة.
*أفكار "العزومى" ومدى متطابقتها لأفكار شكرى مصطفى:
محمد خميس العزومى المكنى بابى عاصم يوصف بانه "منظر تنظيم التوحيد والجهاد " المتواجد فى سيناء ، لا يعرف بدقة عدد أتباعه ولكن مصادر فكره تتلخص فى :
- مجموعة التوحيد لابن تيمية وابن عبد الوهاب - معالم على الطريق لسيد قطب - ملة أبراهيم لابى محمد المقدسى - العمدة فى إعداد العدة لعبد القادر عبد العزيز (سيد إمام الشريف ) المكنى بالدكتور فضل(6)
له بعض الكتب منها : التقية ضوابط وأحكام (قدم له الداعيان السلفيان أحمد فريد ووحيد عبد السلام بالى) - أضواء على ضوابط وأحكام التوحيد - أضواء على الحل الديمقراطى - الديمقراطية وآلياتها بين الإخوان والسلفيين - التوحيد وواقعنا المعاصر
ويلاحظ انها تدور فى فلك رفض الديمقراطية واعتبارها شركاً ووثناً يعبد من دون الله .
اعتقل أكثر من 4 مرات واتهم عام 2006 بتهمة " التنظير للسلفية الجهادية" بمصر
لا يوجد له كتب أو دراسات على المواقع الجهادية على شبكة الانترنت ولا يكاد يكون اسمه معروفاً لبعض الجهاديين ممن تواصلنا معهم .
*بعض آرائه : (طبقاً لحواراته مع الوفد ومع عمرو اديب ومع ريهام السلهى فى برنامجيهما):
- يرى أن الجهاد فى افغانستان ضد الاتحاد السوفيتى السابق ساهم فى خلخلة التوازن العالمى وهو ما كان فى غير صالح الدعوة الاسلامية لان وجود قطبين كبيرين كان ضمانه للتوازن كما يرى ان " الجهاديين " تم استخدامهم كورقة يلعب بها المخابرات الامريكية والسعودية والمصرية (وهو هنا يشير بخفاء لرفضه نظرية جهاد العدو البعيد التى ينادى بها القاعدة وحلفائها - سيشار اليها بالتفصيل بعد قليل - ).
- يرفض المراجعات كليةً ويراها اختراقاً من الأمن لأنها لم تفرق بين مرحلتى الاستضعاف والتمكين (7)
-يرى بردة كل من يرضى بالديمقراطية لانهم رضوا بالحل الديمقراطى وآلياته أهملوا شرع الله ووصف "جماعة الإخوان " و " "السلفيين " بالكفر ولم يتوان عى تكفير الرئيس مرسى بالاسم (تكفير معين) لانه حكم بالقانون الوضعى واستحل دماء المسلمين فى سيناء لاختلافه معهم فكرياً.
- يؤمن بوجود ثلاث مبادىء يكفر من ينكر احداها حتى وهى : 1- الايمان بالله قلباً وقالباً 2- الولاء لله تعالى والرسول والمؤمينن ( يقصد الولاء والبراء ) 3- الحاكمية لله تعالى فلا شريك له (مستقاه من بعض كتابات أبى الاعلى المودودى وسيد قطب رحمها الله)
- الحكم بما أنزل الله ركن من اركان التوحيد ( لم أر له سابقة فى شروحات التوحيد المتعددة)
- من اخطر ما يتباه ويتفق مع فكر التكفير والهجرة: فكرتى 1= جهاد العدو القريب وقد اعتمدوا على على القول بأن أنظمة الحكم فى العالم الإسلامى هى عدو قريب بينما الغرب هو عدو بعيد واستدلوا على ذلك بقوله تعالى " يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة " ومعنى يلونكم : الاقرب إليكم . 2- فكرة التوقف والتبين السالف شرحها أعلاه .
# وفى تعليقه على هذه الأفكار
أكد الشيخ ناجح ابراهيم (8)أن هذه الفكر ديدنه تكفير على شىء وتكفير عوام المسلمين وأشار الى أن التكفير هو أسوأ لوثة أصابت العقل الإسلامى فمهة الدعاة هى هداية الخلائق وتهذيب سلوكهم والاخذ بأيديهم إلى الجنة أما الفكر التكفيرى فلا يشغله سوى الحكم على إيمان وكفر الناس بل مهمته إخراج الناس من الإسلام الى ظلمات الكفر فالحكم على الناس مهمة القضاة ونحن دعاة ولسنا قضاة كما قال الهضيبى - رحمه الله - فالمؤسسات الحاكمة هى مؤسسات اعتبارية (يقصد الجيش والشرطة والقضاة وغيرها ) لا يلحقها وصف كفر أو إيمان فهلا لا تلحق الا بالإنسان المكلف شرعاً وهوا لشخص البالغ العاقل الراشد العالم بما يفعل وأردف قائلاً أن تطبيق الشريعة لا يكون الا بحسب وسع المجتمع فالتدرج فى الاحكام من وسائل الاسلام المرنة كتحريم الخكمر على 5 مراحل وكذلك الربا على 4 مرات
مصر دولة الاسلام منذ أن فتحها عمرو بن العاص ولم يقل أحد من علماء المسلمين المتقدمين او المتأخرين أن مصر يعلوها أحكام كفر او ما شابه كما تبنى فكرة الديمقراطية بضوابطها الشرعية حيث قال أن الديمقراطية ليست ديناً يعبد من دون الله ولا موازى للإسلام كما يتصور البعض فهى فكرة عبقرية لاختيار الحاكم جنبت الدول الانقلابات والنزاعات وكل مبادىء الشريعة جاءت مطلقة بينما الآليات تركت لعماء ومجتهدى كل عصر بما يلائمهم.
وأشار إلى أكبر خطر على الاسلام حالياً هو فكر التكفير بل خطر على الرئاسة نفسها فهو فكر يكفر بالمعصية ولا ينسب لاهل السنة والجماعة فهم كفروا حتى سيدنا على - كرم الله وجهه - بل سعوا فى قتله فالعقل التكفيرى يضن برحمه الله على خلقه ( ورحمتى وسعت كل شىء) وقد اخبر عنهم الرسول انهم يقلون أهل الإسلام ويدعون أهل الاوثان
وفى تعليقه على فكرة الحاكمية وفهم الخوارج لها قال هم يستدلون بالآية الكريمة(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ويسلموا تسليماً ) فليس المقصود بها كفرأو ايمان بل يقصد بها الايمان الكامل فالايمان يزيد وينقص بينما بخصوص الجزية فهناك نظرية فقهية اسمها غياب المحل فباشتراك النصارى معنا فى الجيش ودفاعهم عن ديار الاسلام انتفت الجزية عنهم مثل آيات الرقيق (عتق رقبة - اطعام المساكين ) فبنتهاء الجوارى يلزمنا الحكم الثانى .
الخلاصة :
يتشابه فكر "العزومى " مع "شكرى مصطفى " فى الحاكمية وجهاد العدو القريب والتوقف والتبين وكفر من يتحاكم للقوانين الوضعية ورفض الافكار المخالفة له بينما لم يتم التاكد من ترسخ فكرة الهجرة واعتبار ديار الاسلام ديار كفر (لصعوبة التواصل معه شخصياً ) .
__________________________________________________
(1) : يرفض إطلاق أى أوصاف على نفسه كمنظر الحركة الجهادية السيناوية وغيرها ويؤكد عدم انتمائه لاى تنظيم او حركه.
(2) أحد خريجي الأزهر، وشقيق الشيخ عبد الفتاح إسماعيل أحد الستة الذين تم إعدامهم مع الأستاذ سيد قطب، وقد صاغ الشيخ علي مبادئ العزلة والتكفير لدى الجماعة ضمن أطر شرعية حتى تبدو وكأنها أمور شرعية لها أدلتها من الكتاب والسنة ومن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في الفترتين: المكية والمدنية، متأثراً في ذلك بأفكار الخوارج إلا أنه رجع إلى رشده وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان ينادي بها.
(3) : سميت بذلك لأنهم كفروا المجتمع بأسره كما انهم هاجروا للجبال واعتزلوا المجتمع .
(4) يرد على ذلك الشيخ سفر الحوالى فى شرحه للعقيدة الطحاوية ( أهل السنة والجماعة لا يوجبون العذاب فى حق كل من اتى كبيرة ولا يشهدون لمسلم بعينه من النار لاجل كبيرة عملها بل يجوز ان يدخل صاحب الكبيرة الجنة بلا عذاب إما لحسنات تمحو كبيرته منه أو من غيره ، يعنى كمن له حقوق على الناس أول له ولد صالح يدعو له ويدخل فى ذلك الشفاعة .
(5) : واقع أقواله (53) أمام هيئة محكمة أمن الدولة العسكرية العليا (القضية رقم 6 لسنة 1977) والتي نشرت في الصحف يوم 21/10/1979:
ومما ورد على لسانه :
"إننا نرفض ما يأخذون من أقوال الأئمة والإجماع وسائر ما تسميه الأصنام الأخرى كالقياس. وبيان ذلك أن المسلم ملتزم فقط بما ذكر في القرآن الكريم والسنة المطهرة سواء أكان أمراً أو نهياً وما يزيد عن ذلك عن طريق الإجماع أو القياس أو المصالح المرسلة. فهو بدعة في دين الله. إن الالتزام بجماعة المسلمين ركن أساس كى يكون المسلم مسلماً، ونرفض ما ابتدعوه من تقاليد، وما رخصوا لأنفسهم فيه، وقد أسلموا أمرهم إلى الطاغوت وهو: الحكم بغير ما أنزل الله، واعتبروا كل من ينطق بالشهادتين مسلماً."
ورفض كل من أخذ بأقوال الأئمة أو بالإجماع حتى ولو كان إجماع الصحابة أو بالقياس أو بالمصلحة المرسلة أو بالاستحسان ونحوها فهو في نظرهم مشرك كافر.
(6): سيد إمام الشريف (عبد القادر عبد العزيز اسمه الحركى فى كتبه) يكنى بالدكتور فضل ، يعتبر منظر تنظيم الجهاد ويعزو الكثيرون الى كتابيه ( الجامع فى طلب العلم الشريف) و ( العمدة فى إعداد العدة) باعتبارهما " مانفيستو " الفكر الجهادى المعاصر ، أطلق مراجعات جهادية ترفض ما آمن به سابقاً خصوصاً كتابيه السالف ذكرهما ونشر كتابين بعنوان ( وثيقة ترشيد العمل الجهادى فى مصر والعالم ) 2007 ورد على كتاب الظواهرى بكتاب ( التعرية لكتاب التبرئة) وبينهما خلافات شديدة ومباهلة.
(7) يقصد بمرحلة " الاستضعاف" عدم جواز حمل السلاح ضد العدو القريب وهو النظام بكامل أركانه طالما الحركة الجهادية فى مرحلة ضعف وعدم استعداد كافى للصدام المسلح مع الدولة فاختيار الوقت المناسب يلزم اعداد العدة والعتاد والكافيين وحالما توافرات هذه الشروط وجب الجهاد فوراً داخل ديار المسلمين وهو مفهموم" التمكين"/ لذلك قال "العزومى" بعدم جوازالجهاد ضد الكيان الصهيونى حتى نعد العدة
(8) واحد من أبرز مؤسسى وقيادات "الجماعة الاسلامية " ساهم بقوة فى فكرة
المراجعات وله أكثر من ستين كتاباً ينافى افكار العنف والخروج المسلح، سجن اكثر من 25 عاماً ويعتبره الكثيرون نبراساً للوسطية والاعتدال بعد طول عناء ومعاناة من أفكار التكفير والعنف وتجاربة يحتذى بها قديماً وحديثاً.
المراجع:
1- خريطة الحركات الاسلامية فى مصر "دراسة "- عبد المنعم منيب - الشبكة العربية لحقوق الإنسان 2009
2- قواعد فى التكفير "مقالة " لأبى بصير الطرطوسى
3- التكفير وضوابطه "درس مفرغ" - سفر الحوالى
4- وثيقة ترشيد العمل الجهادى فى مصر والعالم " حلقات منشورة "- سيد إمام الشريف جريدة الشرق الاوسط اللندنية
5- لقاءات الشيخ أبو عاصم العزومى مع جريدة الوفد (حوار) والقاهرة اليوم و90- دقيقة (اتصالات تليفونية)
6- شرح العقيدة الطحاوية "محاضرات" - سفر الحوالى
7- وقفات مع وثيقة ترشيد العمل الجهادى "دراسة غير منشورة" - أحمد خليفة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق