الأربعاء، سبتمبر 30، 2015

قراءة في موسوعة " العنف في الحركات الإسلامية المسلحة " (1-2)

"إذا نظرنا إلى شخصية الأستاذ مختار نوح نجد أهم ما يميزه هو الدفاع عن الإنسان وحقوقه وحرياته وكرامته ،حقيقة لا نبالغ إذا قلنا إنه رجل وهب حياته للدفاع عن الانسان وحقوقه ، والإنسان بصفة عامة ، فإن دفاعه عن المحامين وحقوقهم والارتقاء بهم من أهم أولوياته منذ انضمامه للعمل النقابى .
ويتميز مختار نوح كذلك بالتنوع الثقافى والإبداع فى ميادين متعددة ، فهو مفكر له رؤيته الفكرية التى قد يتفق أو يختلف معه الآخرون"  



قال عنه المحامى القدير أحمد الخواجة "هذا الشاب يذكرني بشبابي ولا أخالنى رأيت أحداً بعمقه ونجوميته . إن هذه النوعية لا تتكرر إلا بعد عقود طويل". نقلاً عن ( إخوان ويكى ) موسوعة أعلام الإخوان المسلمين .
______________________
29 يناير صدر الجزء الاول من  «موسوعة العنف في الحركات الإسلامية المُسلحة.. 50 عاماً من الدم»، لمؤلفه المحامى الأستاذ مختار نوح – عضو المجلس القومى لحقوق الانسان المعين بعيد انقلاب 3 يوليو - الصادر عن " دار سما " للنشر والتوزيع، فى 535 صفحة.


ومن أهم ما يميز الموسوعة إلقاء الضوء علي ثلاث قضايا عنف كبري، أولها قضية 'الفنية العسكرية 1974 بزعامة " صالح سرية " وثانيها : " جماعة المسلمين " أو ما اشتهر إعلامياً باسم " تنظيم التكفير والهجرة " وأخرها : 'قضية الجهاد الكبري' والتى أفضت لقتل الرئيس المصرى الراحل " محمد أنور السادات "  1881 م  
كما تزخر الموسوعة  بالشهادات الحية، والوثائق التاريخية والأسماء الحقيقية لأبطال وقائع العنف المذكورة.. ولكن السؤال الذي لم يجد له المطلع علي الموسوعة جوابًا شافيًا هو: لماذا بدأ مختار نوح موسوعته بعام 1974، أي بقضية 'الفنية العسكرية'؟

ومما يقوى الدراسة عرضها بأسلوب الرواية التوثيقية، متصلة الحلقات.. مع شيء من القراءة الفاحصة للوقائع.. والتحليل النفسي لبعض الشخصيات القائدة والمؤثرة داخل تلك الجماعات. وهو جانب جديد وثرى واضافة للباحثين فى مجال الحركات الإسلامية!
 بدأ مختار نوح الموسوعة بالإجابة عن 3 اسئلة قد تدور في ذهن القارئ أو الباحث قبل قراءة الموسوعة .. وهي لماذا هذه الموسوعة الآن .. ؟ ولماذا الحركات الإسلامية وليس الإخوان المسلمين فقط ولماذا السياسية الأمنية وليست السياسة الرسمية؟ .. واعتبر مختار نوح أن عماد الفكر التكفيري في كل القضايا السالفة الذكر هو " رسالة الإيمان "ل " صالح سرية " في عام 1974 ، ثم الفريضة الغائبة لمحمد عبد السلام فرج في عام 1979 ، ثم حكم قتال الطائفة الممتنعة لمجموعة الجماعة الإسلامية والتي أعلنتة من داخل القفص الحديدي في أرض المعارض أمام محكمة أمن الدولة العليا تحت عنوان " وثيقة الجماعة الإسلامية " أو " كتاب حكم قتال الطائفة الممتنعة" .وتتعرض الموسوعة لرجال النظام السابق منهم المستشاران عدلي حسين وماهر الجندي ولماذا تدرج في المناصب القضائية والتنفيذية بعد ذلك وبأن عدلي حسين كان وراء براءة الضباط من اتهامات العذيب في قضية التعذيب الكبري اثناء استجواب المتهمين في قضية الجهاد الشهيرة بقضية قتل السادات .
وأكد مختار نوح في الصفحة 314 من الموسوعة أن الفكر التكفيري عاد للظهور مرة أخري بعد ثورة 25 يناير وتحديدا بعد حكم الرئيس المعزول محمد مرسي في 30 /6/ 2012 وتقسيم المجتمع إلي مسلمين وكفار مما ادي لثورة المجتمع علي حكمة حيث خاطب الشيوخ معارضي حكم مرسي بخطاب تكفيري و قالوا " قتلاهم في النار " و" قتلانا في الجنة "هذا غير دعاء الشيخ محمد عبدالمقصود علي الثائرين في 30/6/2013 قائلا اللهم اجعل يوم 30/6 نصرا للمؤمنين ويوم ذل للكافرين .! وهنا يشير الباحث إلى التماهى الهوياتى الذى نتج عن اصطفاف " السلفية الحركية " – القاهرية -  بجوار الاخوان وحلفائها الاخرين ممن يتوجس الشعب المصرى من ماضيهم  وهو خطأ فادح وقعت فيه كبرى الحركات الإسلامية المعاصرة .

وانتقد مختار نوح السياسة الأمنية التي ينتهجها النظام  في مواجهة الظواهر الاجتماعية العنيفة بدلا من السياسية الرسمية ،مؤكدا أن السياسة الأمنية تعتمد علي هدوء السطح وليس علاج الظاهرة .. وقال الأصل أن الظواهر الاجتماعية تحتضن والظواهر الفاسدة تقاوم ، والظواهر التي تحتاج إلي تقليم وتهذيب تنقي .. وأشار إلي أن هذا الدور من مسئوليات رجال الفكر والثقافة وعلماء النفس والاجتماع والأدباء والمثقفين ووسائل الإعلام لأنها تفوق إمكانيات ووظائف الأمن.

وأكد أهمية مراجعة لفكر للحركات الاسلامية في مقدمتها جماعة الاخوان بحكم إنها الجماعة التي أفرزت كل هذه الحركات المسلحة .. وأشار إلي أن الحركة السلفية تتبرأ عادة من أعمال العنف ، لكنها بحكم منهجها الذي تربي عليه أعضاءها تدعو للعنف حيث تتدفع الشباب لقراءة أمهات الكتب والمراجع الإسلامية ومحاولة الاجتهاد واستنباط الأحكام وهم غير مؤهلين لذلك .

وحرص نوح علي التأكيد في أكثر من موضوع أنه لم يتدخل بقلمة في سرد الأحداث التي عرضها بالموسوعة بالأسماء الحقيقة للمتهمين ومن ارشد عنهم من داخلهم ، حيث أكد أن بعض أعضاء هذه الحركات الاسلامية المسلحة هم الذين كشفوا عن خطط زملائهم في قضايا القتل والعنف وارشدوا عن أماكن اختباء المتهمين ،وقال نصبوا كمائن للقبض علي زملائهم تشبه تلك التي تحدث في السنيما ، مشيرا إلي ابلاغ عاصم عبد الماجد عن مرشد الاخوان عمر التلمساني وايمن الظواهري الذي ارشد عن عصام الدين محمد كمال القمري احد المتهمين في قضية مقتل السادات بأنه يختبئ بورشة خياطة بمنشية ناصر في دائرة قسم الجمالية .. بينما ابلغ طلال الأنصاري عن صالح سرية وكارم الأناضولي !
كما حرص "نوح "علي التأكيد بأن الجماعات الاسلامية المسلحة تسير علي نفس النهج من تكفير المجتمع إلي استخدام القنابل البدائية الصنع منذ بدء العنف إلي اليوم .
.
وتحدث "نوح" عن بعض المراجعات التى قامت بها الجماعات الإسلامية، واستشهد بكل من، عمر عبد الرحمن، الذي كان أعلن الصيام تكفيراً عن القتل الخطأ، وعبد الرحمن محمد عبد الرحمن الذى ألقى باللوم على أبيه، حيث إنه لم يوجهه توجيهاً صحيحاً. وأستطرد قائلا "نوح" بأنه لم يكن هناك تفجير كنيسة فى مصر إلا وكان وراءه الشيخ نبيل نعيم، لدرجة أنه تم قطع أحد أصابعه، وقد راجع نعيم نفسه واستعرض ما فعله وخرج عن الجماعة وأعلن توبته.


ومما يأخذه الباحث الأستاذ "حسين القاضى" على الدراسة قائلاً
( عنوان الكتاب «موسوعة العنف فى الحركات الإسلامية المسلحة»، فالوصف بـ«المسلحة» ربما يجعل القارئ يقصر كلمة «مسلحة» على جماعات التكفير والهجرة والفنية العسكرية فقط، وبالتالى يكون أمامنا جماعات إسلامية غير مسلحة، وهذا فى تقديرى يحتاج لمراجعة، نحن أمام جماعات إسلامية أكثرها مسلح على اختلاف درجة التسليح، وأكثرها يؤمن بالتكفير والعنف، فمثلاً عندما نتناول دور "محمد حامد الفقى" مؤسس أنصار السنة المحمدية 1926 فى نشر السلفية، هل كان يدعو للعنف والتكفير والاقتتال المذهبى بين فئات المجتمع؟ نعم، وجاء هذا فى الوثيقة الرسمية لتأسيس جماعة أنصار السنة، فهذا تمهيد لأجواء العنف، وإن لم يدعُ للتسليح مباشرة، لكن من هنا ينمو ويترعرع الاقتتال والعنف والتكفير ويخرج التطرف.
كما أن الكاتب غفل عن ذكر وثائق متممة للموضوع، خاصة ما صدر فى فترات مختلفة من بيانات للأزهر وجماعة كبار العلماء، ورد الأزهر على كتاب «الفريضة الغائبة»، وما إلى ذلك من دور موثق للأزهر فى محاربة العنف، لأن مفهوم العنف والتكفير والجهاد خضع لتطورات كثيرة منذ التقطته حركات الإسلام السياسى بفضل التمدد الدينى بعيداً عن المؤسسة الأزهرية، المشهود لها بتكوين النظرة الثاقبة وضبط المفاهيم الشرعية، مع اعترافنا ببعض التقصير من شيوخها وهيئاتها)
كما أن طريقة السرد الطويلة والمملة أحياناَ حيث التطويل فيما لا يجب فيه الإسهاب والاقتصار فى مواضع السرد تجعلنا نصدق ما قيل عن أن المؤلف سجل بصوته المادة العلمية ثم تولت إحدى سكرتيراته تدوين المادة العلمية جعل الأسلوب فقيراً وغير مشوق بالمقارنة مع صديقة ورفيق دربه "ثروت الخرباوى" الذى يمتلك حاسة أدبيه لا بأس بها فى كتاباته السالفة مع عدم اغفالنا لفجوره الشديد فى خصومته ...