الاثنين، سبتمبر 05، 2016

الدعوة من الرقائق والفكاهه إلى الفحش والتكفير Wagdy Ghoneim وجدي غنيم أنموذجاً .. / دراسة تاريخية سيكولوجية .

بقلم / أحمد خليفة


(1)
 
وُلد الشيخ وجدي غنيم في محافظة سوهاج بصعيد مصر في 8/2/1951م، وتعلم في مدينة الإسكندرية، وبدأ حياته مغرمًا بالموسيقى والحفلات، ثم مَنَّ الله عليه بالهداية فالتزم وانتظم واستقام حاله، وتعلق قلبه بالقرآن، فحفظه وأجاده، ثم انطلق داعيًا إلى الله، فطاف محافظات مصر جميعها، حتى أُطلق عليه "كشك إسكندرية" لتشابهه في أسلوب النقد الساخر، مع الداعية الكبير الشيخ عبدالحميد كشك- يرحمه الله. (1)[1]
اتصف- الشيخ وجدي- بالفكاهة ورُوح الدعابة، وخفة الظل، فهو يمتلك قلوب مستمعيه من أول لحظة، ويجيد تبسيط وتوصيل المعلومة لكل فئات المجتمع وهو ما مكنه من احتلال مكانه واسعة من قلوب شباب الصحوة حتى انى سمعت شخصياً ثناءاً نادراً عليه من أتباع السلفية الجهادية المصرية وهو مالم يحدث مع الاستاذ البنا – رحمه الله -  المؤسس نفسه
ومع بزوغ ظاهرة " دعاة الكاسيت " برزت سلسلته الشهيرة " سلوك الأخ (ت) المسلم (ه) والتي التي تناول فيها سلوك المسلم خلال حركته في المجتمع (الزيارة، الفرح، الجنازة. إلخ) وخلال عمله الحياتي (سلوك الضابط، المدرس، الطالب، الطبيب، الموظف المسلم...إلخ) وتعددت من بعدها سلاسل شرائطه عن غزوات الرسول والسيرة النبوية.


(2)
يقول الأستاذ : المختار ولد أمين عن رؤيته لملامح المنهج الدعوى الوسطى الذى تميز به ثم خالفه الشيخ وجدى :
ومن ملامح المنهج الحق أن تقويم الأشخاص أو بيان انحرافهم يجب ألاَّ يتجاوز – موضوعاً وأسلوباً - (المسائل) المنتقدة عليهم ، دون ما سواها من أمور قابلة للاختلاف ، فضلا عن القضايا الشخصية للمنتقَد .
ومن ملامح هذا المنهج الوسطي أن تخطئة العلماء والدعاة – إن أخطأوا – واجب شرعي على حملة المنهج الوسطي ، وإن لم يكونوا على مرتبة المنتقَدين علماً أو عملا ؛ درءاً لمفسدتين كبريين :
أولاهما :  تشويه مبادئ الإسلام وحقائقه وترك الناس – محبين وخصوما – أمام تصوير فلان للدين على أنه صميم الدين ، فيفهمه المحبون خطأ ، ويستلمه المبغضون أسلحة للتهجم على الدعوة والدعاة .
وثانيتهما : فتح المجال لقليلي العلم ، ومعوجّي الفهم ، وأعداء الدعوة ، وخصوم التدين للرد على هذا المخطئ ، وتصوروا – بعد ذلك – كم سيكون التجني والظلم والتشويه !
وقد عشنا بقلوبنا سنوات عديدة مع داعية إسلامي مأساةً شخصية قاسية حرم فيها من وطنه ، وحكم عليه فيه حكما جائرا قاسياً ، أعقبه أن تقاذفته دول العالم بلداً بلداً دون أن يجد من بينها بقعة يعيش فيها بكرامة الإنسان ، حتى تلك التي تحوي جمعيات لحماية القطط والكلاب !!
التبس على الشيخ الجليل – في أكثر من مناسبة – فهمه للدين بما هو مقتضى نصوص الدين ، وكم ادعى أن فهمه في القضية الفلانية ليس فهما ، بل هو نص القرآن أو السنة ، وفي كثير من تلك الحالات لا يكون الأمر كذلك ، كقضية الديمقراطية مثلا ، بل ربما أومأ كلامه – انطلاقا من ذلك الخلط – إلى أن مخالفه في تلك القضايا كافر ، أو ليس بمسلم ![2] 

 

(3)
يمكننا القول أن بدابة جنوح الشيخ وجدى غنيم وتجرأه على التكفير العيني – على استحياء -  أثناء حصار نظام حسنى مبارك لأهلنا في غزة العزة واشتداده عليهم  فخرج في فيديو ليعلن كفر حسنى "حمارك "– هكذا لقبة – لأنه يوالى الصهاينة ضد المسلمين المستضعفين  ثم بعيد ثورة يناير المباركة دأب على وصم المعارضين بالخوارج على ولى الأمر الشرعي محمد مرسى – وإن كان فيها نظر فقهى في فكرة الولاية نفسها -  وكان طريفاً وسخيفاً في نفس الوقت أن يوجه رسالته للفنانين الذين التقاهم الرئيس الأسبق محمد مرسى – فك الله كربه – بندائه الأثير : أيها الداعرون / ايتها الداعرات ولمز الرئيس وقتها ساخراً منه متى تلتقى بالحشاشين ؟ ، ثم ختم بسلسلة شتائم قبيحة بحق النصارى لم تخل من إيحاءات جنسية سمجة كانت صادمة لكل من تربى على سماحة ورقه سلاسله بحق سلوك الأخ المسلم الذى يحمل رسالته بلطلف ووداعة دون انحدار لمستوى أخلاقي متدن !
وبالتالي لم يتوان عن تكفير (عبد الفتاح السيسى) كفراً أكبر مخرج من الملة – ولم يفرق بين كفر الحجود وكفر المعصية -  قائلاً: "بعد تجميعى للمعلومات وتجهيزى لها فقهياً وشرعياً، أستطيع أن أعلن وأقول إن عبد الفتاح السيسى الخائن، مرتد عن الإسلام وكافر، بناء على أدلة، ومن أراد من أهل العلم مراجعتى ، يبقى جزاه الله خير".

وزعم "غنيم" خلال الفيديو أن الأدلة المستند إليها فى فتواه هذه هى قيام طائرة يهودية بإختراق المجال الجوى المصرى وقذف المسلمين بسيناء، وقتل أربعة منهم كانت بالتنسيق مع قيادات القوات المسلحة، قائلاً: "طائرة يهودية من الكيان الصهيوني، دخلت المجال الجوى المصري وقذفت صواريخ، وقتلت ناس من أهل بلدنا المسلمين، من أهل سيناء الأبطال الشجعان، وأبلغ العدو الصهيونى أن الطائرة من عندهم، وأن الطائرة كانت بتنسيق بين الكيان الصهيونى والسيسى، لفتح المجال الجوي المصرى للدخول والضرب، محدداً لهم من سيقومون بقتلهم أيضاً وأكد غنيم أيضاً أن كل من يقوم بمساعدة الفريق السيسى – وقتها -  فهو أيضاً مرتد عن الإسلام، قائلاً: عبد الفتاح السيسى بعد هذا الفعل بفتح المجال الجوى وإعانته للهيود على قتل المسلمين فى سيناء فهو كافر مرتد عن الإسلام، هو وكل من يعاونه.

 ونلاحظ هنا استشهاده بكتابات منظر تنظيم القاعدة "ناصر الفهد"- القابع في سجن الحائر بالمملكة العربية السعودية والذى اعلن مؤخراً مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) (التبيان في كفر من أعان الأمريكان ) وهو مؤشر خطير لفهم تقلباته الفقهية المؤخرة فقد اصبح يستنبط الفتاوى ويستعمل القياس في مجال شديد الخطورة والوعورة هرب منه أساطين العلم الشرعى وسادته خوفاً من رمى برىء به حتى انه رمى الداعية المعتدل الشاب  (عصام تليمة ) بالإرجاء المعاصر لرفضة تكفير من يستهين بالمصحف الشريف إلا بالاستحلال ثم تصالحاً سوياً – في هدوء - دون أن نعرف من اقتنع منهما بأدلة الآخر !

(4)
يجهد الداعية نفسه في التعليق على كل شارده ووارده دون داعى اعتماداً على وجود قناة يويتيوب خاصة به لها جمهور عريض فلم يتوان على الدخول في معارك شديدة الوطأة مع الممثلين وحتى السلفيين (السلفية العلمية "مدرسة الاسكندرية "وحزبها ) فرماهم بالخيانة والدياثه لأنهم خالفوا اجتهاد "الاخوان" السياسى لأنه يراها صراع مطلق بين حق وباطل وأن الإسلام مستهدف في مصر لاقتلاع أعمدته وليس صراع سياسى بين تنظيمين عسكري ودعوى  وهو جدل هوياتي عقيم لفظته روح ثورة يناير المجيدة وأثبتت خطأه وقصر نظره حتى فى  العلماء الغير مؤدلجين كأحمد زويل أحد أنبغ علماء مصر والذى ساهم في رفعه وطنه ودينه  باكتشافاته العلمية  العظيمة – حتى رفض " زويل"  استهزاء "لميس الحديدي " بالرئيس الأسبق مرسى (بعد عزله) بانه عالم معتبر وله اسهاماته التى يجب تقديرها -  وكان وجدي غنيم قد قال في إحدى الفضائيات ردًّا على سؤال المذيع هل يجوز لعن "الخائن" أحمد زويل؟ ,هل يجوز الترحم عليه؟ "بحسب قوله"، فرد غنيم: "أنا لا أقول إن زويل مشرك، لا بل هو كافر، ولا يجوز الترحم عليه وشرح الدلته بأنه  قبل تكريم علمى من الكيان الصهيوني وثناء الغرب والشرق عليه في قياس مذهل لقاعدة الولاء والبراء وعدم التفرقه بين الولاء المحرمه والموالاة الكفرية  فلو كانت زيارة الكفار الذين يقتلون المسلمين موجبة للكفر على أى حال؛ لكان عليه أن يكفـِّر "أردوغان"؛ لأنه زار "روسيا" وجلس مع "بوتين" وتصالح معه واتفقا على دفع تعويضات عن اسقاط الطائرة الروسية التى اسقطها جيشه  بل وتصالح مع الكيان الغاصب وانهى القطيعة الدبلوماسية معه بناءاً على دفع تعويضات لضحايا سفينة "مرمرة" دون فك كامل للحصار عن قطاع غزة وهو المطلب الأساسي من المقاطعة ، بل كان عليه أن يكفـِّر د."مرسى"؛ لأنه أيضًا زار "روسيا" وجلس مع "بوتين" وقتل الروس للمسلمين أكثر مِن قتل اليهود". بل وقال بتطابق الموقفين المصرى والروسى لحل الازمة السورية فهل نعتبره هنا مسئولاً عن دماء السوريين التي قام بها الدب الروسى الهائج لمجرد زلة لسان منه ؟!
إذا كانت السياسة كياسة وفن الممكن والمتاح ولها امتداد أفقى  يتراوح بين " فقه الواقع والمتاح " و"فقه الاستضعاف وعدم التمكن " وفقه المآلات الشرعية للموقف ذاته وهو أمر مقبول واجتهادى فيجب أن يكون مسطرة واحدة مع الجميع فليس من المقبول نسيان وتجاهل الامر لحبيب وتقريع وتفسيق – إن لم يكن تكفير- المخالف فهو مالا تستقيم الفطرة البشرية والعدالة الاسلامية معه .
(6)
التحليل النفسي لشخصية الداعية (وجدى غنيم )

 
بمشاهدة العديد من الفيديوهات على قناة على اليوتيوب وباسترجاع تاريخه الدعوى الوسطى – في الثمانينيات والتسعينيات -  الذى لا يتورع عن توظيف الفكاهة والنكتة بسلاسة للبسطاء إلى الوصول إلى شلالات هادره من التفسيق والتبديع والتكفير للمخالفين والأخطر هو الاعتقاد بان هذا هو حكم الإسلام وليس رؤيته واجتهاده الشخصى نصل إلى أن سنين الغربة الكثيرة والبعد عن الاهل والأحباب والمطاردة المستمرة والحبس في دول مختلفة والترحال من بلد لبلد (البحرين - اليمن - أمريكا - جنوب أفريقيا - اليمن - ماليزيا - قطر - واخيراً تركيا )  ساهمت بشده في قسوة وشده تصورات الشيخ وانحيازاته الفقهية وتصلبها وهو ما أدى لتبرأ الإخوان منه في جلساتهم الخاصة والقول بأنه لم يعد اخاً بل وانه تم فصله  وهو ما نعتقده بالشخصية أحادية الفكر
[3]يعتمد ما يسمى ب "التفكير الأحادي" (Unilateral Thinking) على رؤية وحيدة يكوّن من خلالها تصوراته للكون ويبني عليها تفسيراته للمعطيات من حوله على اعتبار أن وجهة نظره تلك هي الوحيدة التي يمكن أن تكون صحيحة
إن ذلك الشخص يعاني من العناد المتجذّر بسبب تكفير أحادي ملازم لنوعية شخصيته الحادّة.والتى تتجلى في ملامح وجه صارمة وحركات يد لا إرادية تنم عن توتر واضطراب نفسى شديدين ونبره صوت شديدة وعنيفة لردع الاعداء والخونة
فالتحليل النفسي لصاحب هذه الشخصية يشعر بأنه مظلوم في وسطه وبيئته، فتتضخم لديه مشاعر الكره والحقد والعدوانية، وخاصة مشاعر الانتقام حتى لو كان لفظياً وهذه الشخصية عادة ما تمتلك قدرة على الإقناع عن طريق شرح خاطْئ لمعتقدات دينية واستثارة الغرائز والمشاعر العاطفية والعدوانية لدى الاتباع ممن أرهقوا بالمظلومية والكربلائية التى لا تنهى .
من الواضح أن العناد والتفكير الأحادي سمتان متلازمتان أكثر مما نتصوّر حيث يصر الشخص على رأيه دون أن يفتح مجالا للنقاش حول آراء أخرى. وهذا ما يدعونا للتساؤل حول علاقة العناد بشخصيات العديد من الدعاة الكاريزميين والمختلفين أيدلوجياً كـ (وجدى غنيم – عاصم عبد الماجد – طارق الزمر – محمد عبد المقصود – صفوت حجازى وغيرهم )
. ومن المؤمل أن تقوم الجهات العلمية ومراكز البحث المختصة في الحركات الإسلامية المتنوعة  بإجراء دراسات سيكولوجية لتحليل شخصيات الراديكاليين  ومحاولة التعرف على عوامل التنشئة التي تسهم في بناء شخصيتهم وتذبذبها. فمثل هذه الدراسات تساعد التربويين والباحثين  للتعرف على الخلل في الشخصية وتقديم الرعاية النفسية والذهنية المطلوبة لهم قبل أن يضيع التاريخ الدعوى والوسطية المأمولة لدعاة ساهموا في الصحوة الإسلامية وانزلقوا للدعشنة الفكرية التى للأسف ستبيد تاريخهم الدعوى الهائل المليء بالأزهار الناصعة البياض والذى يحزننا ما آلوا إليه وهم على مشارف مقابلة رب كريم ! .

خاتمة : 
 

******************************************** 
 المراجع :
[1] موسوعة الإخوان المسلمين (إخوان ويكى)
[2] إنصافاً للحق ووفاء بالعدل .. نعم الشيخ وجدي غنيم متطرف – المختار ولد أمين – موقع السراج الإخباري الموريتاني
[3] التفكير الأحادي والعناد ، ناصر الحجيلان ، جريدة الرياض 4 سبتمبر 2016 – بتصرف بسيط
************
المقال منشوراً على ((العاصــمة نيــوز))