الأحد، مارس 08، 2015

القوة كأداة تغيير.. بين التنظير والتطبيق !

(الممارسة تسبق التنظير عند الإسلاميينفيما يأتي الأخير لاحقا أو قد لا يأتي أصلا!

"تتسم معظم جماعات (الإسلام السياسي) بضعف في بنائها الفكري والأيدولوجي وتعاني تضخم جهازها الحركي على حساب عقلها، وفي معظم الأحيان فإن ما يحصل هو أن تسير الجماعة في مسار تكتشف في لحظة ما أنه لا يحقق أهدافها، أو يحدث لها انكسار سياسي أو حتى عسكري، فتحدث " حالة تحول" دون بناء نظري متكامل في موضوع التحول باتجاه اختيار فكري وسياسي مختلف يسمح لها بالخروج من مأزقها..فيما بعد قد تحاول الجماعة التنظير لهذا التحول وقد لا تفعل، بحسب مستوى الضغط عليها وأيضا بحسب الكلفة التي ستتحملها سياسيا وجماهيريا.

وتجربة الإخوان مع "التكفير" أو "العنف" نموذج دال في هذا الصدد..في حالة فتنة التكفير التي ضربت الإخوان في سجون ناصر نهاية الستينيات والتي شقت الجماعة بعد أن تبنى بعض أعضائها مبدأ تكفير النظام والدولة؛ اضطرت الجماعة للحسم الصارم وقدمت رؤيتها النظرية ( كتاب: دعاة لا قضاة الذي نسب لمرشدها الثاني حسن الهضيبي) لأن مبدأ التكفير كان يمثل تهديدا جذريا لمجمل أطروحتها الفكرية وكيانها ، فيما لم تضطر إلى ذلك في موضوع العنف الذي تم تجاوزه فعليا من دون تنظير لهذا التجاوز، بل واحتاج التجاوز لسنوات طويلة ربما امتدت حتى أوائل التسعينيات..لم تعلن الجماعة موقفا رسميا صريحا في رفض العنف كأداة للتغيير السياسي سوى بدايات التسعينيات ( تحديدا مع ورقتها الأيدولوجية في العمل السياسي والشورى والمرأة). وفيما قبل كان الموضوع محل أخذ ورد، يرفضه البعض ولا يكلف البعض الآخر نفسه عناء الرفض، بل كانت بعض أدبيات الإخوان قابلة للتأويل باعتبارها تحتمل العنف."
من مقال ( مراجعات الإسلام الحركى ) نُشر بجريدة " القاهرة " 25 نوفمبر 2010

وأضيف لكلام أستاذى -رحمه الله تعالى - بتجربة شخصية أن المثير للتأمل هو الرفض الفورى للتكفير العينى بينما هناك المناهج تحتمل التغيير العنيف بالقوة وخير مثال على ذلك البيان المنشور بتاريخ 30 يناير 2015 بتوقيع وهمى هو( فارس الثورة) على الموقع الرسمى للجماعة "إخوان أون لاين" والذى استند فيه إلى مقولة الإمام حسن البنا الذي قال فى رسائله - وأميل ان هذا اكلام كان موجه إلى  النظام الخاص المخصص لمقاومة الاحتلال الانجليزى والذى عممه البعض جهلاً أو عمداً على جنود الصف - "في الوقت الذي يكون فيه منكم، -معشر الإخوان المسلمين- ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسيا روحياً بالإيمان والعقيدة، وفكرياً بالعلم والثقافة، وجسمياً بالتدريب والرياضة، في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء. وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإني فاعل إن شاء الله".
وفي مقولة أخرى، ذكرها المقال، "تحتاج كذلك الأمم الناهضة إلى القوة وطبع أبنائها بطابع الجندية، ولا سيما فى هذه العصور التى لا يضمن فيها السلم إلا بالاستعداد للحرب".
وآخر مقولات الأستاذ البنا، التي استشهد بها كاتب المقال، كانت "إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدي غيرها، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة".
ويختم " فارس الثورة " بيانه التعبوى بتبان سبب كتابة البيان قائلاً:
"على الجميع أن يدرك أننا بصدد مرحلة جديدة، نستدعى فيها ما كمن من قوتنا، ونستحضر فيها معانى الجهاد، ونهيء أنفسنا وزوجاتنا وأولادنا وبناتنا ومن سار على دربنا لجهاد طويل لا هوادة معه، ونطلب فيها منازل الشهداء".

ومع استمرار نشر والاحتفاء ببيانات حركات ( المقاومة الشعبية - ولع - الرد الثورى - وغيرها ) على الموقع الرسمى وتصدرها للقنوات الناطقة بلسان التنظيم من "تركيا" حتى وصل الأمر بإذاعة بيان يطالب الاجانب والمستثمرين بمغادرة مصر فى مدة زمنية أقصاها 11 فبراير الماضى فى سقطة وطنية وأخلاقية  لا تخطأها العين .

يقول الأستاذ " حازم سعيد " فى مقاله ( السلمية .. وثوابت دعوة الإخوان المسلمين ): فى فقره تحت عنوان : هل السلمية من ثوابت الدعوة ؟
وأنا هنا لا أستطيع الاقتناع أبداً برأي من يزعم أن السلمية من ثوابت دعوة الإخوان المسلمين ، بل العكس هو الصحيح ، فإن أحد أهم مبادئنا الخمسة هو : الجهاد سبيلنا .
ويمضى قائلاًَ : والإخوان دعوة تستمد أصولها وجذورها من دعوة الإسلام التي فيها : " بعثت بالسيف بين يدي الساعة " والتي فيها : " الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة " ، والتي فيها : " نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي " .
ويؤصل لأركان البيعة قائلاً : اثنان من أركان البيعة التي بايعت الله عليها كأخٍ من الإخوان هو الجهاد والتضحية  ، ودورهما في الأركان بعد الفهم والإخلاص والعمل .ويشرح معنى الجهاد في الإسلام بأنه ( الجهاد بمعناه ومبناه ، ولو أراد أحد تفريغه من مضمونه لفروعه ومراتبه ودرجاته من أمثال كلمة الحق عند سلطان جائر أو جهاد النفس يكون مخطئاً ، فهذه فروع للأصل الذي هو الجهاد بمعناه اللازم الشرعي الأصولي المنصرف  إلى جهاد الكفار وقتالهم، من المعاندين ، والمحاربين ، والمرتدين ، وكذلك جهاد البغاة  ، ونحوهم، ومقصوده إعلاء كلمة الله عز وجل .) ويختتم بالتفريق بين العوام المخالفين وبين الطغاه المحاربين وحصرهم فى ( العسكر الخائنين والشرطة الآثمة والقضاة المجرمين والإعلاميين المحرضين) مطالباً الثوار بالاقتصاص منه والاثخان فيهم وكسر شوكتهم . المصدر : نافذة مصر 12-5-2015

أذكر منذ سنوات قريبة- فى منتصف 2010 -كتبت مقال نُشر فى " الملتقى " وهو منتدى لشباب الجماعة بعنوان ( آن الأوان لمراجعات الإخوان) مطالباً بضرورة مراجعة الآليات التى عفى عليها الزمن والحاجة لثورة تصحيحية لبعض المفاهم الراسخة والجامدة مثل ( شموليه الإسلام لا تعنى بالضرورة شموليه الوسيلة وهو التنظيم - الحاجة إلى تغيير النظرة للمرأةمن زوجة وام إلى صانعة نهضة وحضارة مجتمعية - وجود نسق تربوى يكمل الخلل فى مفاهيم الولاء والبراء السياسى ومعارك الحق والباطل وتدريس قيم مهمة كحقوق الانسان والإدارة والمواطنة والاتفاق على النسق الانسانى مقابل النسق السياسى المتغير - ضرورة تقبل النقد بأريحية دون اتهام فى النوايا وشق الصدور - أهمية فصل الحزبى عن الدعوى ومنع اختلاطهما مما يفسد الحزبى ويدنس الدعوى - عبارات الأستاذ سيد الخطيرة والتى لها محامل كثيرة ) وخلالها احتكتت ببعض قيادات الصف الثالث فى محافظات ( الغربية - الشرقية - الاسكندرية - الفيوم - المنوفية ) أثناء إعداد هذه الدراسة وهالنى ان بعضهم يؤمن بفكرة " العنف المؤجل " وأن الحق لابد من قوة - أية قوة - لتحميه ولتلجم الفاسدين !
وإثناء إعدادها عرضتها على بعض الإخوة والاخوات وكان الرد يدور فى فلك ( نحن جماعة سلمية على مر التاريخ وثوبنا ناصع البياض ولا علاقة لنا بالتفجيرات والاغتيالات لنقوم بمراجععات تقوى شوكة النظام الباطش فلسنا " عاصم عبد الماجد " أو " عصام دربالة " أو " كرم زهدى " أو " ناجح إبراهيم " ! ودار التاريخ دورته ليظهر الغلاة على منصات رابعة فى تحالف فصائلى متوقع حذرنا منه قبيل #انقلاب_3_يوليو فى مقال ( التصاق السلفية الحركية بالإخوان .. من يدفع الثمن ؟! )

وحينما عرضت خلاصة ما توصلت إليه فى حفل إفطار رمضانى ضم مئات الإخوة على مدير المكتب الإدارى للمحافظة وعضو مجلس الشورى العام - فك الله أسره- رد على نقطة الأستاذ" سيد" - رحمه الله بكلام عاطفى يدر الدموع وتهفو القلوب لصلابة وقوة الأستاذ فى مواجهة الظالمين والمفسدين، حينها ادركت انه لا فائدة سوى بتغيير جذرى وحقيقى للمناهج والاليات والقيادات وحتى شباب الصف لانجاز المأمول من أكبر تنظيم متجذر فى البلاد الإسلامية ولكنه قيد نفسه و يتحرك  كجسم فيل وعقل عصفور ! لا يدرك حجم المأمول منه والمسئولية الملقاه على عاتقه لتصدر مشهد دحر الاستبداد بمستوياته المختلفه ( دينياً - سياسياً - مجتمعياً ) إلى مشهد من مشاهد الجيتو والانكفاء على الذات وهو الذى أشار إليه حسام بأن الجماعة أصبحت طائفة لها مطالب خاصة منعزلة عن سياق المجتمع العام .

ألم أقل لكم أن " حسام" سبق الزمان !


المراجع :

1- نظرات فى منهج التغيير بالقوة -  عبد الله جاب الله -  العُبيكان الرياض - 2006 - 342 صفحة
2- مراجعات الإسلام الحركى - حسام تمام - بوابة الإسلاميون - 2010
3- هل أصبح الإخوان (طائفة) دينية ذات مطالب خاصة؟ - حسام تمام - جريدة الشروق - 2010
4- تسليط الأضواء على ما وقع فى الجهاد من أخطاء - مجموعة مؤلفين - مكتبة التراث الإسلامى