(1)
كما بينا فى المقال الاول أن أبرز ملامح تمايز المداخلة عن غيرهم من
السلفيين بأنهم يدعون إلى الولاء والسمع والطاعة للحاكم مطلقا وإن خالف الحق (وإن
جلد ظهرك) بل ويرفضون النصيحة له في العلن فالحاكم "هو محور الجماعة المسلمة،
بل إن الجماعة هي السلطان" ومعارضته وتشكيل جماعات وأحزاب وفرق داخل إطار
الدولة يعد بمثابة "خروج" عليه وخروجا من نطاق أهل السنة والجماعة، حسب
رؤيتهم وهم يرون أن قضية الحكم بغير ما
أنزل الله بكل أنواعها -عدا الاستحلال- كفر دون كفر! وهذا خلاف إجماع أهل العلم
الذي نقله ابن كثير -رحمه الله- في نوع الإلزام بخلاف الشريعة في التشريع العام،
مع اعتبار استيفاء الشروط وانتفاء الموانع في تكفير المعين..إلا أن اللافت للنظر أن التيار الجامي ليس بينه أي ارتباطات
تنظيمية، كما لا توجد له زعامة موحدة بل زعامات كثيرة متنوعة، يجتمعون في بعض
المسائل، ويفترقون أحياناُ، إلى درجة القطيعة. والتى تنحدر خلافاتهم إلى مستوى هائل من السباب والتخوين والفجور فى
الخصومة بل الفحش أحياناً حيث ظهرت إنقسامات حادة مع
بداية الألفية بين كل من ربيع المدخلي وتلميذه أيمن حداد وقرينه فالح الحربي والطامحين
في كل دولة إلى مناهج أكثر اعتدالا كالمغراوي في المغرب والعيد شريفي في الجزائر و
حسن المأربي في اليمن وأنصار الدعوة المحمدية في السودان والسبت في الإمارات
والحلبي في الأردن انتهت بانقسام الحركة إلى مجموعة متطاحنة يبدع بعضها بعضا وكل
منها ترى أنّ الحق عندها دون سواها.
استدراك (1) يقول الحافظ بن
رجب : (ولما كثر اختلاف الناس في مسائل الدين وكثر تفرقهم كثر بسبب ذلك تباغضهم
وتلاعنهم وكل منهم يظن أنه يبغض لله وقد يكون في نفس الأمر معذوراً وقد لا يكون
معذوراً بل يكون متبعاً لهواه مقصراً في البحث عن معرفة ما يبغض فإن كثيراً كذلك
إنما يقع لمخالفة متبوع يظن أنه لا يقول إلا الحق وهذا الظن قد يخطئ ويصيب وقد
يكون الحامل على الميل إليه مجرد الهوى والألفة أو العادة وكل هذا يقدح في أن يكون
هذا البغض لله فالواجب على المسلم أن ينصح لنفسه ويتحرز في هذا غاية التحرز وما
أشكل منه فلا يدخل نفسه فيه خشية أن يقع فيما نهى عنه من البغض المحرم.)
(2)
مخالفاتهم للسلف الصالح :
ومما خالفوا به السلف الصالح :
الأمر الاول مسائل
في باب الإيمان والإرجاء، فقد غلب عليهم الإرجاء حتى صدرت الفتاوى من كبار العلماء
بالحكم على كبار منظريهم بأنهم مرجئة، كما أصدرت هيئة كبار العلماء فتواها في "على
حسن الحلبي" – الذى استضافه الشيخ محمود عبد الرازق الرضوانى فى قناته "
البصيرة" وأثنى على علمه ودعوته قبل أن ينقلب عليه كما انقلب على غيره - الذي تقلد الإرجاء وحشى به كتبه وألصق بعضه ببعض
كتب الشيخ الألباني وكذلك من يطالع مواقعهم لا يفصل كثيراً بين الأصول العقدية
للمداخلة المصريين عن اقرانهم الخليجيين لذلك لم نفرق بينهما .
.
وكما أصدر الشيخ الفوزان فتواه
في عبدالعزيز الريس بأنه مرجئ وأن كتابه في توحيد العبادة وشرح نواقض الإسلام قد
ملأه إرجاء، ومع كل ذلك فلا زالوا ينافحون ليجعلوا هذا الإرجاء الذي تبرأ منه
كبار علماء أهل السنة في عصرنا ،أن يجعلوه من أصول أهل السنة ، وجعلوا من خالفه
خارجياً مبتدعاً
وكتب "الريس" ما فُهم
أنها توبته وتقدم بها إلى الشيخ الفوزان
بدهاء ليزكيه ويرفع عنه وصمة تبديعه التي
سارت بها الركبان ووعد الشيخ أن يصحح ما في كتبه من إرجاء فكتب له الشيخ الفوزان
تزكية بناء على هذه الوعود ، ولكنه لم يغير من منهجه شيئاً بل تمادى في نشره واستغل هذه التزكية من
الشيخ، مما اضطر الشيخ إلى الكلام .فيه مرة أخرى وبيان حقيقة ما رآه بدعته.
الأمر الثاني الذي خالفوا به
السلف : كيفية التعامل مع الحكام
فالسلف وسط بين الخوارج الذي لا
يرون لحاكم طاعة وبين المرجئة الذين يحجون لقصور الحكام . بل منهج السلف
السمع والطاعة والنصح لهم والاحتساب على منكراتهم بالمعروف
.
وكان جمهور السلف يتهمون الذين
يدخلون على الخلفاء والأمراء في دينه، فأتت الجامية لتقول أن القرب من الحكام
هو القرب من السلفية، وإن التبجيل والتفخيم والثناء على الحكام هو أمارة
السلفي، وأفسدوا جوهر السلفية بمثل هذه الأمور لأن أئمة السلف لم يكونوا
ليقعوا في هذا المزلق، فالحاكم بطبيعته ليس هو العالم والداعية. فمنذ صدر
الإسلام ومن بعد حكم الصحابة ، والحاكم يقع في تجاوزات ومظالم وأمور أخرى، فالعالم
الصالح يحتسب عليهم وينصح لهم ، ولا
يشركهم في شيء من دنياهم، فلا يأخذ عليه العامة مداهنته لهم أو مشاركته لهم فيما
يُستنكر عليهم.
استدراك (2)
إذا
رأيت العلماء على ابواب الملوك فقل بئس الملوك وبئس العلماء, وإذا رأيت الملوك "
" على أبواب العلماء فقل نعم الملوك ونعم العلماء-الامام على بن أبى طالب كرم الله وجهه
" على أبواب العلماء فقل نعم الملوك ونعم العلماء-الامام على بن أبى طالب كرم الله وجهه
فمخالفتم في الإيمان فهم مرجئة ويطوعون الولاء والبراء لمراميهم ، والجهاد هو عندهم نظري فقط ، وغلوهم في الرجال، ومعاملة الحكام
موقف الجامية من ثورات الربيع العربي
:(3)
برز دور التيار المداخلي
المتخاذل أثناء و بعد اندلاع ثورات الربيع
العربي، حيث حرم ذلك التيار كل الأحداث التي وقعت منذ احداث الثورة التونسية وحتى
الاحداث التي لا تزال تجري حالياً في سورية وغيرها ، وقالت إنها شر طاغى أدى إلى مزيد من القتل وسفك الدماء، فضلا عن
خراب الديار والبلاد.
يرون ثورات الربيع العربي
شقت الصف والوحدة، بدعم دول اجنبية متورطة في تلك الأحداث لهدم البلدان العربية فى
إطار هوسهم بنظرية المؤامرة الصهيو أمريكية الماسونية العابرة للقارات ونظرة عابرة
على برامج قناة البصيرة التى يشرف عليها د- الرضوانى توحى للمشاهد أن ثورات
الكرامة العربية مخطط غربى معد سلفاً لتمزيق الأمة الإسلامية وتأليب الشعوب وتفكك
الدول لدويلات عرقية يسهل ابتلاعها ولا مانع من هجاء المختلفين معهم ونعتهم بأقذع
الصفات والحكم على نواياهم واتهامهم بالأخونة والقطبيه وغيرها كما فعلوا مع
التنظيمين والحركيين والعلميين فهم صفوة السلف وما عداهم باطل وشر مطلق حتى وصل
الحال بأحد رموزهم – طلعت زهران – إلى القول بانه لو تولى علينا البابا شنودة –
بابا الأقباط الراحل – لوجب له السمع والطاعة باعتباره " حاكم متغلب "! وكان
بعضهم يطلق على الرئيس المخلوع حسنى مبارك «أمير المؤمنين» وهؤلاء ما زالوا يرفضون
محاكمته لأنه باعتقادهم جرى خلعه من السلطة بطريقة غير شرعية، ويعتبرون ذلك أصلا
من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، ومخالفة هذا الأصل يعتبر خروجا على الحاكم المسلم وفى الخليج أفتى
الشيخ ربيع المدخلي بحرمة الخروج على القذافي ،ووجوب قتل المتظاهرين والثوار حفظا
للنظام العام ، وأفتى الشيخ سالم الطويل بالكويت بتجريم وتخطئة الثورة على نظام
بشار الأسد ويزكيه
استدراك (3) : وصار الخلاف في الرأي يؤدي لاختلاف وتنافر القلوب والعداوة
والبغضاء والسب واللمز وهذا والله فرحة الأعداء وهذا تفتت الدعوة الإسلامية ومن
أراد أن يكون قوله هو المرجع عند الخلاف فقد دعا لنفسه أن يكون بمنزلة الرسول.
العلامة محمد بن صالح
العثيمين – رحمه الله -
هل السلفيون عملاء لأمن
الدولة ؟!
كثر هذا الحديث من بعض
العوام الذين لا يدرون أن التيار السلفى سائل غير متقولب يجمع فى طياته أقصى
اليمين " السلفية الجهادية " وبعض مدراسهم تكفر الامن والجيش والشرطة
لانهم اذناب الطواغيت وعصاه الباطشة بل ويستحلون دمائهم وفى أقصى اليسار " السلفية المدخلية "
والتى ترى بوجوب الطاعة المطلقة لمؤسسات الدولة ودعمها فى محاربة الدعاة والتضييق
على من يرونهم " الغوغائيين المهيجين " فالوشاية بهم – كما يعتقدون - من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى
والتبليغ عن " الخوارج " ثواب وفضل عظيم ويحثون تلاميذهم على ذلك وقد
اعترف قادتهم بذلك وبأنه درأ للمفاسد وواجب شرعى !
وقد سُئلُ عبد العزيز العسكرُ عن حكم ِ العمل ِ مع المباحثِ –
في شريطٍ مُسجّل ٍ بصوتهِ – فقالَ : وماذا يضيرُكَ لو عملتَ في المباحثِ ، وقمتَ
بحمايةِ الدولةِ من المفسدينَ والخارجينَ !!
وما
وثيقة أمن الدولة والتى ظهرت بعيد اقتحام الثوار لمبنى أمن الدولة بلاظوغلى إبان
المد الثورى 2011 والتى أوضحت دعم الأمن لهم وتلقيهم مرتبات شهرية ونصيحة حسن عبد
الرحمن بإتاحه الفرصة لهم لمجابهة السلفيين والإخوان عنا ببعيد .
مستقبل الجامية القريب :
التيار الجامى في انحسار اليوم ، وخاصة بعد ثورات الربيع العربي
، و ليس له أي خطر على الدين والشريعة ؛ لأنها مكشوف عند العلماء وطلاب العلم الذين ينفرون من سبهم وشتمهم للمخالفين لهم
واحتكار الصواب المطلق ، لكنْ خطـرُهم في
التشويش على العامة وصغار طلاب العلم فلا مستقبل لهم فى ظل التغيرات
الجيوسياسة المستمرة فى المنطقة العربية .
وختاماً قال الإمام الشافعى - رحمه الله - : " ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة " .
****************************************************************************
المقال على " بوابة العاصمة الإخبارية "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق