مما يؤخذ عليه فى كتابه الشهير : أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة الناشر : مكتبة سلسبيل - القاهرة ، الطبعة الأولى ، 1426 هـ
وليس موضع النقد في الكتاب هو استخراج هذه الأسماء، والبحث عن الثابت منها، ولكن موضع النقد في الشروط والضوابط التي وضعها المؤلف، والتي خولف في بعضها، وادعائه أن هذه الشروط التي ذكرها في إحصاء الأسماء لا تنطبق إلا على تسعة وتسعين اسمًا فحسب، مع تكلفه في إدخال بعض الأسماء إلى جملة التسعة والتسعين، وفوات إدخال أسماء أخر تنطبق عليها الشروط.وسنقتصر على أهم المؤاخذات التي أخذت على هذا الكتاب:
1 – وقوعه في أخطاء تتعلق بعلم الحديث ومنها:
- عدم قبوله للحديث الحسن في باب إثبات الأسماء الحسنى.
قال المؤلف:) ولا يعتمد اعتماداً كاملاً على ما ثبت وخف ضبطه كالحسن؛ لأن الحسن على ما ترجَّح عند المحدثين من رواية الصدوق، أو هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه قليلاً، عن مثله إلى منتهاه، من غير شذوذ ولا علة، ولربما يثير ذلك إنكار البعض، لكنهم لا يختلفون معنا في تطرق الاحتمال إلى ضبط النص، والتيقن منه في لفظ الاسم دون الوصف، ومن ثمَّ لم أعتمد على الحديث الحسن في إحصاء نص الأسماء الحسنى، وإن اعتمدته حجة في إثبات الأوصاف، وشرح معاني الأسماء، وبيان دلالة الاسم على المعنى مطابقة وتضمناً والتزاماً). انتهى.
وهذه قاعدة غريبة لم يذكر المؤلف من سبقه بها. لذا يقول شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)): (وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام).
- رده للحديث الموقوف الذي له حكم الرفع في إحصاء الأسماء.
يقول المؤلف عن اسم الله الأعز: ((أما الأعز ؛ فلم يرد مرفوعاً، وإنما ورد موقوفاً على ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنه: (رب اغفر وارحم أنت الأعز الأكرم). واعتباره الموقوف في حكم المرفوع عند بعض المحدثين لا يكفي لإثباته، وشأنه في ذلك شأن القراءة الشاذة)) ا هـ.
فقد ذهب المؤلف إلى أن الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع ليس حجة في إثبات الأسماء الحسنى. وهذا قول لا دليل عليه، ولم يسبق إليه، ولا ذكر له سلفاً فيه.
وأما قوله: ((وشأنه في ذلك شأن القراءة الشاذة...)). فإن الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع يختلف تماماً عن القراءة الشاذة ؛ فالحديث الموقوف الذي له حكم الرفع، حجة ويجب العمل به، أما القراءة الشاذة فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى عدم حجيتها.
ومع تصريح المؤلف أنه مقلد في تصحيح وتضعيف الأحاديث وخاصة للشيخ لألباني، إذا به يجتهد في قواعد علم الحديث الشريف؛ فلا يحتج بالحديث الحسن، ولا بالحديث الموقوف الذي له حكم الرفع في إثبات الأسماء الحسنى، مع أن الألباني لم يقل بذلك ولم يذكر المؤلف سلفه في ذلك من المحدثين.
ومع تصريح المؤلف أنه مقلد في تصحيح وتضعيف الأحاديث وخاصة للشيخ لألباني، إذا به يجتهد في قواعد علم الحديث الشريف؛ فلا يحتج بالحديث الحسن، ولا بالحديث الموقوف الذي له حكم الرفع في إثبات الأسماء الحسنى، مع أن الألباني لم يقل بذلك ولم يذكر المؤلف سلفه في ذلك من المحدثين.
2- اشتراطه في إحصاء أسماء الله الإحاطة بجميع السنة النبوية.
يقول المؤلف: (لأن الشرط الأول والأساسي في إحصاء الأسماء الحسنى هو فحص جميع النصوص القرآنية، وجميع ما ورد في السنة النبوية، مما وصل إلينا في المكتبة الإسلامية، وهذا الأمر يتطلب استقصاءً شاملاً لكل اسم ورد في القرآن، وكذلك كل نص ثبت في السنة، ويلزم من هذا بالضرورة فرز عشرات الآلاف من الأحاديث النبوية، وقراءتها كلمة كلمة للوصول إلى اسم واحد. اهـ. ثم يقول: (وهذا جهد خارج عن قدرة البشر المحدودة وأيامهم المعدودة).
وهذا الكلام لا دليل عليه، ولم يشترط أحد من العلماء هذا الشرط. وقد أدى اشتراط المؤلف لهذا الشرط إلى القول بأن مسألة الإحصاء أكبر من طاقة البشر، وخارجة عن قدرتهم المحدودة وأيامهم المعدودة !!
ويجاب عن ذلك بأن إحصاء الأسماء الحسنى التسعة والتسعين في وسع كل مؤمن ومقدوره، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم قد رغَّب المؤمنين من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى قيام الساعة على إحصائها، مما يدل على أن هذا الإحصاء في طاقتهم وداخل قدرتهم، وهل يرغّب النبي صلى الله عليه وسلم في أمر خارج عن قدرة البشر ؟!!
ولو كان هذا الإحصاء أكبر من طاقة الإنسان، ولا يستطاع إلا بفرز عشرات الآلاف من الأحاديث، واستخدام الحاسب الآلي، لم يكن لهذا الحديث فائدة بدون الحاسب الآلي، ولقصرت فائدة هذا الحديث على هذا العصر، أو على المؤلف خاصة، وهذا مردود.
ثم إن أحكام الشريعة لا تتوقف على شيء من العلوم الكونية والاكتشافات العلمية، كالحاسب الآلي وغيره. فأحكام الشريعة يستوي في إمكانية معرفتها، والقيام بها جمهور الناس، وهذا مقتضى شمولية دعوة الإسلام لجميع البشر.
وهل يُظن أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان من أهل القرون الثلاثة الأولى المفضلة لم يستطيعوا إحصاء الأسماء التسعة والتسعين؛ لعدم توفر الحاسب الآلي لديهم ؟!
وهل نفهم من ذلك أن الله عز وجل قد حَرَمَ السلف الصالح وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهم من هذه الفضيلة وقد شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية في قوله صلى الله عليه وسلم: ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)). فهم خير الناس علمًا وعملًا.
وأما قوله: ((ويلزم من هذا بالضرورة فرز عشرات الآلاف من الأحاديث النبوية وقراءتها كلمة كلمة للوصول إلى اسم واحد...)).
فهذا حجة عليه؛ لأنه إذا كان الأمر كذلك، فكثير من السلف الصالح والعلماء المتقدمين كانوا يحفظون أضعاف أضعاف هذا العدد من الأحاديث، فإحصاء الأسماء الحسنى أيسر عليهم بكثير. فهذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يقول عنه أبو زرعة الرازي: (كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث. فقيل له: وما يدريك ؟ قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب) وحفظهم السنة بأسانيدها شيء عجيب، يطول المقام بذكره.
فإذا تبين أن الأئمة المتقدمين كانوا يحفظون مئات الآلاف من الأحاديث النبوية والآثار السلفية، تقرر أنهم كانوا أوسع إحاطة للسنة من هذه الموسوعات الإلكترونية؛ لأن هذه الموسوعات التي اعتمد عليها المؤلف في إحصاء الأسماء التسعة والتسعين لا يبلغ ما تحتويه عشر ما حفظه هؤلاء الأئمة وذلك بشهادته هو نفسه، وهذا يدل دلالة واضحة أنهم كانوا أقدر على إحصاء الأسماء الحسنى التسعة والتسعين منا.
وأما قوله: ((إن من دوافع البحث الرئيسية أن باب الأسماء الحسنى يفتقر إلى دراسة علمية استقصائية حصرية تشمل كل ما ورد في الأصول القرآنية والنبوية..... ولما يسر الله عز وجل الأسباب في هذا العصر وأصبح ذلك أمراً ممكنًا بعد أن ظهرت تقنية البحث الحاسوبية، وقدرة الحاسوب على قراءة ملايين الصفحات في لحظات معدودات، أقدمت على البحث وأنا لا أتوقع ما توصلت إليه من نتائج))
فهنا يذكر المؤلف أنه باستخدام البحث عن طريق الحاسوب، أصبح قادراً على عمل دراسة علمية استقصائية حصرية، تشمل كل ما ورد في الكتاب والسنة. وهذا كلام غير صحيح ؛ إذ إنه لا يستطيع أحد مهما أوتي من علم أن يحيط بكل ما ورد في السنة النبوية.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: (من قال: إن السنة كلها اجتمعت عند رجل واحد. فسق، ومن قال: إن شيئا منها فات الأمة. فسق) اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)): (إن الإحاطة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لأحد في الأمة..... وأما إحاطة واحد بجميع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يمكن ادعاؤه قط...). ا هـ.
كذلك فإنه يوجد عدد كبير من الكتب المخطوطة لم يطبع بعد، ولا توجد بالتأكيد على الموسوعات الإلكترونية، أضف إلى ذلك ما يقع من مشكلات في البحث، مع وجود نسبة من الأخطاء الإملائية في الموسوعات إلى غير ذلك.
3- زعمه أن الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة تسعة وتسعون اسماً فقط.
قال المؤلف: ((... ولكن النتيجة التي أسفر عنها البحث يتصاغر بجانبها كل جهد، فقد ظهرت مفاجأة لم تكن في الحسبان، تلك المفاجأة تتمثل في أن ما تعرف الله به إلى عباده من أسمائه الحسنى التي وردت في كتابه وفي سنة رسوله تسعة وتسعون اسما وردت بنصها، كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إجمالاً إلى العدد المذكور في الحديث المتفق عليه، وذلك عند تمييزها عن الأوصاف، وإخراج ما قيد منها بالإضافة أو بموضع الكمال عند انقسام المعنى المجرد وتطرق الاحتمال...)) ا هـ.
ويقال للمؤلف ما الدليل على أن الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة تسعة وتسعون اسماً فقط ؟ !
والحديث المشهور الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة)). قد شرحه العلماء بما يدل على أن من أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، وليس فيه حصر للأسماء الحسنى في هذا العدد.
قال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) في معرض رده على من زعم أنه لا يجوز الدعاء إلا بالتسعة والتسعين اسماً: (... وهذا القائل الذي حصر أسماء الله في تسعة وتسعين لم يمكنه استخراجها من القرآن، وإذا لم يقم على تعيينها دليل يجب القول به لم يمكن أن يقال: هي التي يجوز الدعاء بها دون غيرها؛ لأنه لا سبيل إلى تمييز المأمور من المحظور، فكل اسم يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور، ويمكن أن يكون من المحظور، وإن قيل: لا تدعو إلا باسم له ذكر في الكتاب والسنة، قيل: هذا أكثر من تسعة وتسعين)) ا هـ.
وقال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)): ((الذين جمعوا الأسماء الحسنى اعتقدوا هم وغيرهم أن الأسماء الحسنى التي من أحصاها دخل الجنة ليست شيئاً معيناً، بل من أحصى تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله دخل الجنة. أو أنها وإن كانت معينة فالاسمان اللذان يتفق معناهما يقوم أحدهما مقام صاحبه، كالأحد والواحد، والمعطي والمغني)) ا هـ بتصرف.
فكلام شيخ الإسلام رحمه الله صريح في أن الأسماء المذكورة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين اسماً.
وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في ((معجم المناهي اللفظية)): (باب الأسماء لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللقرآن العظيم توقيفية، لا تكون إلا بنص، وقد جاء في القرآن نحو مائة اسم لله تعالى)) ا هـ.
هذا بالإضافة إلى ما ورد في السنة من أسماء أخرى، فيكون العدد أكثر من تسعة وتسعين، كما هو ظاهر. ومن ذلك يتضح أن أكثر أهل العلم يقولون بأن الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين اسماً.
لذلك نجد أن من العلماء من زاد على تسعة وتسعين اسما، ومن هؤلاء:
- ابن منده في كتابه ((التوحيد)) أثبت 148 اسماً.
- البيهقي في كتابه ((الأسماء والصفات)) أثبت 154 اسماً.
- ابن العربي في كتابه ((أحكام القرآن)) أثبت 141 اسماً.
5 - إخراجه لفظ الجلالة "الله" من التسعة والتسعين اسماً.
على حين أن أغلب من كتب فى أسماء الله الحسنى عدَّ من بينها لفظ الجلالة (الله)، إذ يقول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]. فسواءً دعا العبد ربه باسم الله أو باسم الرحمن فكلاهما من الأسماء الحسنى.
6- جزمه بأن الأسماء التي قام بإحصائها هي المعنية بحديث: (إن لله تسعة وتسعين اسماً)
إن الجزم بأن هذه الأسماء التي عينها المؤلف هي المرادة في الحديث لا يمكن أن يقطع به أحد، لأن هذا يحتاج إلى دليل ونص صريح. ولو أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يُعينها لفعل.
ثم إنه ألزم الناس بتلك الأسماء التي جمعها وفق الشروط التي اشترطها، وذهب إلى أن تلك الأسماء التسعة والتسعين هي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة)).
7- تفسيره لحديث: (إن لله تسعة وتسعين اسماً....) تفسيراً لم يقله أحد قبله.
ذهب المؤلف إلى أن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مطلقًا، وتسعة وتسعين اسماً مقيداً، وجعل ذلك تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا)). فجعل (التسعة والتسعين) هي المطلقة، وجعل (المائة إلا واحدًا) هي المقيدة خلافًا لما قرره العلماء من أن تسعة وتسعين اسمًا فحسب هي التي علق على إحصائها دخول الجنة. وليس للمؤلف دليل على قوله، ولا سلف له فيه.
ثم إن هذا التفسير مخالف لتفسير العلماء الذين ذهبوا إلى أن قوله: ((مائة إلا واحدا)) للتأكيد، وللتنصيص على أنها تسعة وتسعون اسماً، لا تزيد ولا تنقص عن هذا العدد، وحتى لا يقع تصحيف في قوله: ((تسعة وتسعين)) إلى سبعة وسبعين، أو سبعة وتسعين، وما إلى ذلك.
قال الإمام ابن حجر رحمه الله في ((الفتح)): (قال جماعة من العلماء: الحكمة في قوله: ((مائة إلا واحد)). بعد قوله: ((تسعة وتسعون)). أن يتقرر في نفس السامع، جمعا بين جهتي الإجمال والتفصيل، أو دفعا للتصحيف الخطي والسمعي)) ا هـ.
قال الإمام ابن حجر رحمه الله في ((الفتح)): (قال جماعة من العلماء: الحكمة في قوله: ((مائة إلا واحد)). بعد قوله: ((تسعة وتسعون)). أن يتقرر في نفس السامع، جمعا بين جهتي الإجمال والتفصيل، أو دفعا للتصحيف الخطي والسمعي)) ا هـ.
8 – ذهب المؤلف إلى أن الأسماء المقيدة أو المضافة ليست من الأسماء الحسنى التسعة والتسعين ؛ لأن التقييد والإضافة يحدان من إطلاق الحسن والكمال
يقول المؤلف: ((من الشروط الأساسية اللازمة لإحصاء الأسماء الحسنى أن يرد الاسم في سياق النص مفرداً مطلقاً دون إضافة مقيدة، أو قرينة ظاهرة تحد من الإطلاق، وذلك بأن يفيد المدح والثناء على الله بنفسه ؛ لأن الإضافة والتقييد يحدان من إطلاق الحسن والكمال على قدر ما أضيف إليه الاسم أو قيد به، والله عز وجل ذكر أسماءه باللانهائية في الحسن، وهذا يعني الإطلاق التام الذي يتناول جلال الذات والصفات والأفعال)) ا هـ.
يقول المؤلف: ((من الشروط الأساسية اللازمة لإحصاء الأسماء الحسنى أن يرد الاسم في سياق النص مفرداً مطلقاً دون إضافة مقيدة، أو قرينة ظاهرة تحد من الإطلاق، وذلك بأن يفيد المدح والثناء على الله بنفسه ؛ لأن الإضافة والتقييد يحدان من إطلاق الحسن والكمال على قدر ما أضيف إليه الاسم أو قيد به، والله عز وجل ذكر أسماءه باللانهائية في الحسن، وهذا يعني الإطلاق التام الذي يتناول جلال الذات والصفات والأفعال)) ا هـ.
فكلامه يدل على أن التقييد والإضافة يحدان من إطلاق الحسن والجمال، وأسماء الله سبحانه لا نهائية في الحسن والكمال، فلا تكون الأسماء المقيدة أو المضافة من الأسماء الحسنى.
ثم قال في موضع آخر: ((فهذه أسماء مضافة أو مقيدة يصح تسمية الله بها على الوضع الذي ورد في النص كسائر الأسماء المضافة الأخرى، لكن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة المطلقة التي تفيد المدح والثناء على الله بنفسها)) ا هـ.
فهنا قد أثبت أن الأسماء المضافة أو المقيدة يصح تسمية الله بها على الوضع الذي ورد في النص، وهناك قد قرر أن هذه الأسماء ليست نهائية في الحسن والكمال، فكلام المؤلف ينقض بعضه بعضا ؛ فكيف يدعي أن الأسماء المقيدة أو المضافة ليست من الأسماء الحسنى ؛ لأن الإضافة والتقييد يحدان من إطلاق الحسن والكمال. ثم إذا به يثبت لله تسعة وتسعين اسما مضافا.
فمع التناقض الواضح في كلامه ؛ فإنه يدل على أنه يجوز أن يسمى الله سبحانه وتعالى بأسماء ليست بالغة في الحسن والجمال.
ثم إن قوله: ((لكن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة المطلقة..)). قول لا دليل عليه، فما أدراه أن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة دون المقيدة ؟! وإذا ثبت بكلامه أن الأسماء المقيدة أو المضافة هي أسماء لله عز وجل، فما المانع أن تكون من الأسماء الحسنى المعنية في حديث التسعة والتسعين ؟ !
يقول الشيخ عمر الأشقر في معرض رده على من أخرج الأسماء المضافة من دائرة الأسماء الحسنى في ((أسماء الله وصفاته)): (لا يجوز استثناء الأسماء المضافة من دائرة أسماء الله الحسنى إذا وردت في الكتاب والسنة، فلا يقر من أخرج من أسمائه تبارك وتعالى: عالم الغيب والشهادة، ومالك الملك، وبديع السماوات والأرض، ونور السماوات والأرض، وغافر الذنب، وعلام الغيوب، وفاطر السماوات والأرض ؛ إذ لا حجة لهؤلاء إلا أن هذه الأسماء مضافة. وهذه ليست بحجة، فما الإشكال في أن تكون أسماء الله مضافة ؟ !...)) ا هـ.
يقول الشيخ عمر الأشقر في معرض رده على من أخرج الأسماء المضافة من دائرة الأسماء الحسنى في ((أسماء الله وصفاته)): (لا يجوز استثناء الأسماء المضافة من دائرة أسماء الله الحسنى إذا وردت في الكتاب والسنة، فلا يقر من أخرج من أسمائه تبارك وتعالى: عالم الغيب والشهادة، ومالك الملك، وبديع السماوات والأرض، ونور السماوات والأرض، وغافر الذنب، وعلام الغيوب، وفاطر السماوات والأرض ؛ إذ لا حجة لهؤلاء إلا أن هذه الأسماء مضافة. وهذه ليست بحجة، فما الإشكال في أن تكون أسماء الله مضافة ؟ !...)) ا هـ.
وقد قرر شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) أن في الكتاب والسنة أسماء أخرى غير الأسماء التسعة والتسعين المشهورة التي جاءت مدرجة في حديث الوليد بن مسلم، وعد من تلك الأسماء بعض الأسماء المضافة، فقال:
((ومن أسمائه التي ليست في هذه التسعة والتسعين اسمه: السبوح ... وكذلك أسماؤه المضافة مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين، وليس من هذه التسعة والتسعين)) ا هـ.
وقد أدخل كثير من أهل العلم الأسماء المضافة في جملة الأسماء الحسنى منهم: الإمام الإقليشي، والإمام ابن القيم، والإمام ابن العربي، والحافظ ابن حجر، وغيرهم.
وأخيرا فهذه الشروط التى وضعها المؤلف اجتهادية، وليست من المسلَّمات المتفق عليها أو من المجمع عليه بين العلماء. ويبقى أن المسألة اجتهادية، لن يرفع الخلاف فيها بحث أو اجتهاد، لتبقى الحكمة التي من أجلها أخفي تعيين هذه الأسماء، وهي كالحكمة في عدم تعيين ليلة القدر ليجتهد الناس في عشر ليالٍ بدلاً من واحدة، وكذلك الأمر هنا: علم العلماء أن هذا الباب باب اجتهاد للعلماء يعملون فيه جهدهم.
يقول الحافظ في ((الفتح)) نقلاً عن الفخر الرازى في أنه يجوز (أن يكون المراد من عدم تفسيرها أن يستمروا على المواظبة بالدعاء بجميع ما ورد من الأسماء، رجاء أن يقعوا على تلك الأسماء المخصوصة، كما أُبهمت ساعة الجمعة، وليلة القدر، والصلاة الوسطى) ا.هـ. وقال الإمام ابن العربي المالكي في ((أحكام القرآن)): ((وكذلك أخفيت هذه الأسماء المتعددة في جملة الأسماء الكلية لندعو بجميعها، فنصيب العدد الموعود به فيها)) ا هـ.
فلا سبيل إلى الجزم بتعيين الأسماء التسعة والتسعين، ولكن على المسلم أن يجتهد في إحصاء الأسماء الحسنى في الكتاب والسنة، رجاء أن يكون ممن شملهم الوعد بالجنة الوارد في الحديث الصحيح.
وأخيرا فهذه الشروط التى وضعها المؤلف اجتهادية، وليست من المسلَّمات المتفق عليها أو من المجمع عليه بين العلماء. ويبقى أن المسألة اجتهادية، لن يرفع الخلاف فيها بحث أو اجتهاد، لتبقى الحكمة التي من أجلها أخفي تعيين هذه الأسماء، وهي كالحكمة في عدم تعيين ليلة القدر ليجتهد الناس في عشر ليالٍ بدلاً من واحدة، وكذلك الأمر هنا: علم العلماء أن هذا الباب باب اجتهاد للعلماء يعملون فيه جهدهم.
يقول الحافظ في ((الفتح)) نقلاً عن الفخر الرازى في أنه يجوز (أن يكون المراد من عدم تفسيرها أن يستمروا على المواظبة بالدعاء بجميع ما ورد من الأسماء، رجاء أن يقعوا على تلك الأسماء المخصوصة، كما أُبهمت ساعة الجمعة، وليلة القدر، والصلاة الوسطى) ا.هـ. وقال الإمام ابن العربي المالكي في ((أحكام القرآن)): ((وكذلك أخفيت هذه الأسماء المتعددة في جملة الأسماء الكلية لندعو بجميعها، فنصيب العدد الموعود به فيها)) ا هـ.
فلا سبيل إلى الجزم بتعيين الأسماء التسعة والتسعين، ولكن على المسلم أن يجتهد في إحصاء الأسماء الحسنى في الكتاب والسنة، رجاء أن يكون ممن شملهم الوعد بالجنة الوارد في الحديث الصحيح.
المثير للتعجب أن بدايات ظهوره كانت على (قناة الرحمة ) المملوكة لخصمه اللدود حالياً (الشيخ محمد حسان) والذى اتهمه بدعم داعش وأخواتها حيث ذاعت شهرته بعيد مهاجمته لحسان وكيله الاتهامات بالانحرافات المالية فى فيديو شهير نشرته بوابة الوفد أيام حكم مرسى ! ثم انتحى جانباًُ حتى امتلك قناة دعوية جديدة متخصصة فيما يسميه " علوم الجرح والتعديل ومعرفة الرجال "
فخصصت قناة (البصيرة) فى استديو هواء مفتوح حلقات متتالية أشبه بمحاكم تفتيش لمهاجمة العلماء والدعاة في مصر والخليج والعالم العربي، ولم يسلم من ألسنتهم الحداد لا قرّاء الحرم وعلمائه ودعاته، ولا علماء الشام والعراق، ولا علماء المغرب العربي أيضا، فكل هؤلاء بالنسبة لهم (كلاب) و(خوارج ضالون) و(منحرفون عن المنهج).
بل خصصت قناة (البصيرة) حلقات خاصة بالمغرب أسمتها (مكر الإخوان بالمغرب لزوال الحكم الملكي)، هاجمت من خلالها عددًا من الشخصيات السياسية والعلمية والفكرية المغربية البارزة، وكالت لهم من التهم ما تنوء بحمله الجبال، وكنت أتمنى وأنا أتابع بعض هذه الحلقات على مضض أن يقدم لنا المدعو عبد الرزاق الرضواني في برنامجه (اللقاء المفتوح)؛ نقدًا علميًا بنّاءً للحركة الإسلامية في المغرب، عسانا نستفيد منه؛ فالحكمة ضالة المؤمن أنـَّا وجدها أخذ بها، لكن للأسف الشديد فمنهج المداخلة واحد، يتسم غالبا بخفة العقل، وقلة الفهم، وضعف الوعي، ورقة الدين، وانعدام الأمانة في النقل كما يقول أحد دعاة المغرب العربى .
ومما يدل على سرعة وجنوج منهجه باعتماده على ملف أرسله له بعض مريدي الطريقة المدخلية من المغرب وقع شيخ (البصيرة) - في ورطة كبيرة، لأنه لم يتأكد من صحة المعلومات التي قُدّمت إليه، وهذا ينافي قواعد الجرح والتعديل التي نذر حياته للدفاع عنها، وكشفِ أهل الضلال والبدع اعتمادًا عليها.
فمثلاً؛ الصورة التي عرضها الرضواني وادعى أنها للشيخ ناصر العمر مع الشيخ المغراوي الذي وصفه بالتكفيري أيضًا؛ هي لناصر العمر مع الدكتور محمد بن عبد الكريم الفيلالي، رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالبيضاء، والمغراوي لم يحضر أصلاً (مؤتمر تدبر) الذي نظمته الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريمبالبيضاء.
كما أن زيارة الشيخ حسين يعقوب للمغرب لم تكن بطلب ممن معه في الصورة وإنما من بعض الشباب الذين لا تربطهم أي صفة تنظيمية أو دعوية بمن ذكر من العلماء.
بالإضافة إلى أن الحراك الشعبي الذي عرفه الشارع المغربي والذي نجم عنه تعديل دستوري أعلن عنه الملك محمد السادس في 2011م لم يشارك فيه، ولا دعا له أيضًا حزب العدالة والتنمية كما ادعى الرضواني، لأن حزب المصباح أعلن مبكرًا أنه اختار التغيير في ظل الاستقرار ولن يشارك في الاحتجاجات التي عرفتها بعض مدن المملكة لذلك من السهولة الوقوع فى هذه الاخطاء نتيجه عدم التدقيق والهوى والنفس
ويلاحظ أن المنهج النقدى الذى تقوم عليه القناة هو :
- الإتيان بالمتشابه من كلام الشخص المُراد إسقاطه، وتأويله وتحميله أسوأ الأحمال، ثم نشره بين الناس بعناوين توافق ذلك التأويل السيء.
- الإتيان بقولٍ قديم خاطئ للشخص المُراد إسقاطه، ونشره بين الناس، وإخفاء أو التغافل عن قول جديد ناسخ للقديم.
- الإتيان بقولٍ كان قد قيل في ظرفٍ زمني أو مكاني خاص، والقيام بالترويج له في ظرف زمني ومكاني لم يكن هو المستهدف بالكلام، ليُفهم منه غير الذي قصد.
4/ أن يكون الشخص المُراد إسقاطه قد أخطأ فعلاً، وجَلّ مَن لا يخطئ، لكنّهم يبنون على هذا الخطأ تشهير وطعن وتنقيص وتشنيع شديد
يشار إلى أن قناة البصيرة هي القناة الدينية الوحيدة التي سمح لها بالعمل بعد حراك 3-7 بحرية تامة واعتمادها على مشايخ غير معروفين للجمهور كالشوربجى وزهران وغيرهم ، أما قنوات (الناس) و(الرحمة) و(الحافظ) و(قرآن وسنة) وغيرها كثير فقد أُغلِقت وقبض على بعض مسئوليها ، كما توسعت القناة فظهرت ( البصيرة 2) المختصة فى الدورات العلمية للرضوانى فقط مع عدم اعنماد مباشر على اعلانات القنوات الدينينة المعتادة كاعلانات البطاطين والاعشاب والمقويات الجنسية وهو ما يلقى بتساؤلات عن حقيقة تمويل القناة وهل لنظام أبناء زايد دور فى نشأتها كما يشاع ؟
وأخيراً لا ينكر إلا جاحد تمكن الرضوانى فى علوم العقيدة ومقارنة الاديان وتميزه فى علم التوحيد وهو ما يحمد له ويؤخذ منه بلا تردد بينما حينما يخوض فيما يسمية علم الرجال والجرح والتعديل يخلط الأموربشده و يكون حاداً كالسيف تغيب عنه الحيدة والرفق ويخلط النتائج بالاهواء المسبقة ، فآفة الداعية الهوى والنفس وكما قيل قديماً يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال .
استدراك (2) قال شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري - رحمه الله - :(( لو كان كل من ادعى عليه مذهب من المذاهب الرديئة ،
ثبت عليه ما اُدّعي عليه ، وسقطت عدالته ، وبطلت شهادته بذلك
للزم ترك أكثر محدثي الأمصار ، لأنه ما منهم - أحد - إلا وقد نسبه قوم
إلى ما يرغب به عنه ، ومن ثبتت عدالته ، لم يقبل فيه الجرح ،
وما تسقط العدالة بالظن )) .
المصدر: من (( هدي الساري)) [2: 151-152] للحافظ .
******************************************************************************
المصدر / العاصمة نيوز المقال مختصراً على / شبكة الإسلاميون