الثلاثاء، ديسمبر 29، 2015

إحياء الحركة الإسلامية المعاصرة "مفاهيم وتطبيقات" (3/ 5)

الباب الأول :  التربية : 
يقول الدكتور " أحمد الجبلى " في مقاله ( في الفكر التربوى في الحركة الإسلامية )
من أهم المصادر المعتمدة في الرؤى التربوية نجد: 1- القرآن الكريم 2- السنة النبوية الشريفة 3- الاجتهاد
1- القرآن الكريم: ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) الإسراء: الآية 9 إن الوحي هو المصدر الأساس الأول الذي يرجع إليه ويلجأ في التشريع والأخلاق والعبادة والاجتماع…فهو يمثل ثروة عظيمة من مفاخر المصادر التربوية في تهذيب الأخلاق وتنظيم السلوك الإنساني وتربية الأمة جنودها وقادتها إلى مدارج الخير والصلاح والكمال
2- السنة النبوية المطهرة:
المصدر الثاني الذي تنهل منه التربية – رؤية ومنهاجا..تفكيرا وسلوكا – هو السنة المطهرة الشريفة وللسنة في المجال التربوي فائدتان عظيمتان: أ‌- إيضاح المنهج التربوي الإسلامي المتكامل الوارد في القرآن الكريم، وبيان التفاصيل التي لم ترد فيه. ب- استنباط أسلوب تربوي من حياة لرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وزوجاته والشيوخ والأطفال وغرس الإيمان في نفوسهم ، ومن خلال استيعاب هاتين الفائدتين نتبين لماذا رفع الله تعالى رسوله أعلى الدرجات، وأقصى مراتب الكمال الإنساني، فجعله المثل الأعلى للكمال، والقدوة المثلى للبشرية قاطبة. فأدبه فأحسن تأديبه وعصمه من الخطايا والمعاصي، وحلاه بالخلال الحميدة التي جعلته عليه السلام يمثل التقويم الفعلي العملي لكل فرد نهج نهجه واتبع سنته
3- الاجتهاد: عرف الأئمة والأصوليون والفقهاء الاجتهاد تعريفات كثيرة. وما نحتاجه هنا هو ذاك 
التعريف البسيط والمتفق عليه الذي هو: " بذل غاية الجهد في الوصول إلى أمر من الأمور أو فعل من الأفعال" وهو كمصدر من مصادر الرؤية التربوية يتخذ شكلين: الشكل الأول: الاقتباس والانتقاء: أي الاقتباس والانتقاء مما تيسر الوصول إليه من اجتهاد من سبقنا أي من: – التجارب التاريخية أو التراث التربوي للمسلمين. – التجارب المعاصرة كتجارب الحركات الإسلامية في باقي الأقطار. – المدارس التربوية الغربية لأن التربية السليمة هي التي تتعامل مع التجربة الإسلامية التاريخية والمعاصرة، وتجربة العلوم الإنسانية الصحيحة لمختلف التوجهات والمدارس دون تقيد بمذهب أو تيار فكري أو تربوي معين، وتحرص على الاستفادة منها جميعا بروح التحليل والغربلة والنقد مع مراعاة ضوابط ومعايير محددة منها: – عدم التعارض مع النص قرآنا وسنة. – حسب حاجة الواقع المحلي وخصوصياته. – التجربة الذاتية. الشكل الثاني: الإنشاء والإحداث: الإنشاء: هو الاجتهاد في مجال الفراغ التربوي وهو الذي لا نص فيه ولا تراث. وهو يتجلى خصوصا في مجال بعض الوسائل. فكثير من الوسائل لا تحتاج إلى تقنين أو ترشيد بقدر ما تتاح عن طريق التجربة والاجتهاد والإبداع والابتكار والمحاولة تلو لأخرى لتضاف إلى ذهن الفرد وسائل وطرق جديدة يملأ بها الفراغ والفقر الذي كان يعانيه في المجال التربوي. . 
( عيوب التربية الجماعية )
يبقى للتربية الجماعية مزيّة هامة وهى جمع أفراد مؤمنون بفكرة ما يسعون لتغيير المجتمع إلى الافضل بدلاً من تناثر الجهود الفردية وتشتتها ووجود ميثاق تربوى وشرعى يتحركون على أساسه ولكن جيتوهات التنظيمات أنتجت - بدون قصد - احتكار للفهم الصحيح للدين والاعتقاد بتمايز أفراد التنظيم عن المجتمع ( عزلة شعورية - العصبة المؤمنة ) بل تمايز وأفضليه ربانية على ما يراه البعض مجتمعاً جاهلياً يحتاج للعودة للإسلام من جديد ! وكذلك الخلط بين شموليه الإسلام وشموليه الحركة بمعنى تماهى الوسيلة لتصل لغاية وتتمدد الوسيلة بسرعة لتصل لغاية بل وبديل كامل عن المجتمع بأسره ، فليس معنى أن الاسلام الحنيف نظام شامل وكامل لكافة مناحى الحياة أن تعتقد الحركة - أياً كانت - أنها دعوة سلفية ونقاء صوفى وطريقة سنّية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية وثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية) .كل هذه الوظائف فى آن واحد فهذا مما يعيق الحركة ويثقلها بمهام أكبر مما تقدر عليه ، وفقه الواقع وكذلك فقة الممارسة أيضاً أوضح أن التخصص وتقسيم العمل على أبنائها وسيلة مفيدة وناجحة تعطيها الاريحية الكاملة دون معوقات لنشر دورها الهام فى التربية والتنشئة والتزكية والعمل الخيرى والدعوى الخالص المجرد من أى منافع دنيوية أو توجيه حزبى مع حقها فى الممارسة السياسية العامة دون تحزب أو احتكار بل وترك فضاء واسع ومرن لمن يرغب فى ممارسة حزبية منضبطة بقيم وأخلاقيات الإسلام الحنيف فله ما أراد بعيداً عن تحزب الدعوة وقصرها على دوجما تنظيمية ما ..
كما أن التركيز على الجانب الشرعى فقط رغم اهميته ( علوم قرأن - علوم الحديث - الفقه - السيرة - التفسير وغيرها ) دون الالمام بعلوم حديثة أخرى كعلوم ( الاجتماع - الادارة - الاقتصاد - العلاقات العامة - السياسة ) وغيرها ينتج فرداً نمطى يغيب عنه فقه الموازنات والتفكير خارج الصندوق للمعضلات التى تواجه البناء الحركى له ولغيره بل يجب الاهتمام بعلوم الدنيا والاخرة جنباً إلى جنب .
وكذلك احتكار فهم الاحداث التاريخية ومواقف السيرة العطرة واسقاطها على الممارسة السياسية ينتج عنه أخطاء فى القياس وفساد فى الاستدلال يغذى فى اللا وعى التنظيمى فكرة " جماعة المسلمين " والاخرين من المحاربين للدعوة الاسلامية فتجد الاجتهاد السياسى مثلا فى المشاركة السياسية فى عز قوة وحيوية الحركة واجباً وشهادة يأثم تاركها بينما حينما تقصى الحركة يعتقد البعض ان المشاركة فيها إعانة على الظلم وهدر للدماء وتمكين لغلاة المناهضين للفكرة رغم ان الفارق بين الموقفين سنى بسيطة وكذلك الاستشهاد بصلح الحديبية وغزوة الاحزاب وموقعة أحد وغيرها رغم انها معارك حربية مع كفار يحاربون الاسلام ورسوله بينما التنافس الحزبى وحتى الدعوى تنافس خدمى لتلبية حاجات الشعب المسلم ! 
سيقول قائل ولكننا بّح صوتنا وكذلك فى أدبياتنا العامرة بأننا " جماعة من المسلمين " ولسنا كل المسلمين او نحصر المسلمين فينا كما فعل شكرى مصطفى وجماعته التى سماها حصراً (( جماعة المسلمين ))ولكن الواقع التنثقيقى والتربوى - فى المناهج والممارسة الفعلية - حين يقدم نفسه على أنه الفهم الصحيح والشامل والنقى للإسلام يتلاشى الفارق بين جماعة المسلمين وجماعة من المسلمين فباستدعاء نصوص الولاء والبراء ونصوص الجماعة فى أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو فى القرأن الكريم فالعقل ينصرف مباشرة إلى التنظيم لا إلى المسلمين وتصوير الخروج عن البيعة - وهنا يحدث خلط هائل وفاسد بين البيعة العامة والبيعة الخاصة - هو خروج على ولى الامر أو الامير والذئب يأكل من الغنم القاصية والدعوات بالثبات وألا يكون الاخ من المتساقطين على طريق الدعوة فطريق الدعوة الذى نهايته جنات الفردوس الاعلى وصحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم لن يكون الا عبر هذا الطريق وحده لذلك تجد " الطريق إلى جماعة المسلمين " أو " المتساقطون على طريق الدعوة " معبراً بوضوح عن هذا التصور الذى لا يّصرح به ولكن يّعاش ويتنّفس .
بينما الاولى أن ترى الحركة الإسلامية أنها جزءاً وركناً من المجتمع وليست بديلاً عنه أو وصية عليه لا تسعى للسيطرة عليه أو التمكين أو هدمه من القاع للقمة بل تسعى لاصلاحه وعلاجه وتقويته من الداخل ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق