الأربعاء، يوليو 01، 2015

إلى روح " إبراهيم فرحات " .. نهر الخيرات


هذا المقال ليس بحث علمى كما سبق أن نشرنا فى هذه المساحة بل بحث عن المشترك الانسانى الذى كاد أن يضيع فى ظل الايام الكبيسة التى نحياها من ظلم وطغيان وشلالات الدماء التى لا تهدأ فى المنطقة العربية بأسرها ..


لم يسبق لى أن كتبت عن صديق رحل ... فقد فقدت  الكثير من الاحباب  ممن توفى أثناء ثورة يناير المجيدة وبعدها وبالقطع فرقت بيننا الاجتهادات السياسية حتى لم يخل بيت مصرى منها  .. ولا يبق من وجودنا فى هذه الدنيا الفانية إلا ذكرى إما عطرة أو غيرها     ، لروح ابراهيم فرحات -والذى كان نهراً للخيرات بحق-  هذه الكلمات والتى ننشرها من باب ذكر فضائل الموتى وربطاً على قلوب أسرته المحتسبة  وحثاًُ على نشر مآثرهم ونسال الله سبحانه وتعالى أن يباعد بيننا وبين الرياء كما باعد بين المشرق والمغرب :

(أعلم يا صديقي انك عاتب علىّ فلم أسال عنك فى محنتك ولكن يعلم ربى أنى لم أعلم بمعاناتك مع المرض الخبيث  إلا بعد ارتقائك .. ولعلك تقدّر أن الايام تلاهى والحياة مشاغل  ... رغم اننا لم نلتق إلا مرة واحدة عابرة ولكنها كانت كافية .. أن نلتقى فى بيوت الله وفى مجالس العلم نعمة من الله سبحانه وتعالى أن يكتب لها بها الختام وياله من صبر وجلد ومثابرة وكفاح حاربت به السرطان الخبيث أسال الله سبحانه وتعالى أن يكتبه لك فى موازينك ..لم تفارقنا بسمتك الجميلة ووجوهك البشوش وهدوءك الطاغى وتفانيك فى عمل الخير فلازالت ذكراك باقية منذ ست سنوات أو أكثر رغم أنه لقاء واحد  .. كتب الله لك القبول والمحبة فى أفئدة عباده حتى بدقائق معدودة من اللقاء فياله من فضل وكرم ونعمة ربانية !

الان  يا إبراهيم  علمت سر بّرك بوالدتنا السيدة الام العظيمة  الصابرة المحتسبة -والتى تشع كلماتها رقة وعطر الصبر وكمال معانى الاحتساب والتوكل على الله -  التى احتسبتك عند الله وقطعاً الله لا يضيع ودائعة والتى ربتك على الاحسان والفضل وعمل الخير وود الناس  ...من مزايا معرفتنا أنها غير مؤدلجة فلا يهمنى إلا أبراهيم صديقى الانسان بينما انتمائه الايدولوجى لا يعنينى كثيراً طالما الفطرة الانسانية سويّة وبخير.

 أعلم أن الأرواح المحبة لبعضها فى الله تتلاقى وتتآلف فحقاً بلغك أنها كانت أجمل والذ عُمرة شعرت بها وتذوقت حلاوتها حينما دعوت لك فى الطواف " اللهم فرح آل فرحات بما صبروا وارزقه مرافقة سيدنا "إبراهيم " – عليه السلام – فى جنات الفردوس الأعلى .. أسأل الله أن يجعل لك من اسمك نصيباً ..

عُمرة لروحك الطاهرة فى رمضان المبارك أقل ما نقدمه لمن تعلمنا منه الوفاء وحب مجالس العلم والتفانى فى عمل الخير بهدوء ودون ضجيج .. عسى الله أن يتقبل منا صالح الأعمال .. إنه ولى ذلك والقادر عليه ..

عَنْ أَنَسٍ ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الْأَدْنَيْنَ إِلَّا قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ فِيهِ عِلْمَكُمْ فِيهِ وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ))

يا طيبَ مـَـنْ رافقتُ مِــنْ رجُلٍ يـرْحمْهُ ربي كـــانَ أحــــــسَنَنا
عذباً صدوقاً صائماً ســمحاً جلْداً صبوراً قانـــــتاً حــــــــزِنا
عبْــقاً عــطـــوراً باسـِماً شَـرِفاً كيْســـاً فطـيناً للصالحاتِ رَنا
سَلـــماً لــِكُلّ الـــمؤمــــنينَ لهمْ مسْـتغفراً للهِ حـــــــــــيـــــثُ دنا
حرْباً عـلى الفسّاقِ يمْحقُهــم بالنورِ من بــــينِ الجــــبينِ سَنا
لله محْــزوني عــــليـــــــــكِ أيا خــــيرَ الرّفـاقِ النــّــاصِحينَ لنا
يُسكنْـــــكَ ربي جَنةً فرِحاً تحـــيا بها مستــــــنــعِماً بـــــهنا
تدعو لــنا اللهَ الغــفورَ بــــأنْ يغفرْ لنا نــــلـْـــقاكـموا بـــــِجَنا



نداء :  للإخوة المقيمين فى المملكة السعودية : يسّر الله لنا عزوجل أن نقيم ونرتزق  فى مهد القرآن ومنبع الرسالة وهذا فضل من الله عظيم ولأحبابنا ممن توفوا حق علينا فلما لا يكتفى الواحد منا بأداء الفرض ( عُمرة – حج)  مرة واحدة وينوى أن يكون ما تيسر له من فضل لإخوانه الأموات عسى أن تكون صدقة جارية لنا ولهم ..

اعتذار : اتقدم بخالص الاعتذار والأسف لأسرة الشهيد – بإذن الله – " د- طارق الغندور – والذى توفى فى سجون الظلمة الفجرة – حيث لم استطع عمل عمرة له فى رمضان الحالى كنت نويتها واستعديت لها نتيجة ظروف خارجة عن الإرادة فعسى أن يكتبها الله لنا أو يقوم أحد الفضلاء بتأديتها فى هذه الايام المفترجة عمن صورته -  وقد ارتقى  وبجواره اطفاله الصغار-  لا تفارق خيالنا الذى يئن  من مشاهد الظلم والجبروت والبطش وما الله بغافل عن فراعين الكنانة واذنابهم فعسى الله أن يبدلنا خيراً بصبرنا وثباتنا على الفطرة والانسانية التى لا تتبدل ..


الأربعاء، يونيو 03، 2015

نقد الأسس الفكرية للمدخلية المصرية - الجزء الثانى

(1)
كما بينا فى المقال الاول أن أبرز ملامح تمايز المداخلة عن غيرهم من السلفيين بأنهم يدعون إلى الولاء والسمع والطاعة للحاكم مطلقا وإن خالف الحق (وإن جلد ظهرك) بل ويرفضون النصيحة له في العلن فالحاكم "هو محور الجماعة المسلمة، بل إن الجماعة هي السلطان" ومعارضته وتشكيل جماعات وأحزاب وفرق داخل إطار الدولة يعد بمثابة "خروج" عليه وخروجا من نطاق أهل السنة والجماعة، حسب رؤيتهم وهم يرون أن قضية الحكم بغير ما أنزل الله بكل أنواعها -عدا الاستحلال- كفر دون كفر! وهذا خلاف إجماع أهل العلم الذي نقله ابن كثير -رحمه الله- في نوع الإلزام بخلاف الشريعة في التشريع العام، مع اعتبار استيفاء الشروط وانتفاء الموانع في تكفير المعين..إلا أن اللافت للنظر أن التيار الجامي ليس بينه أي ارتباطات تنظيمية، كما لا توجد له زعامة موحدة بل زعامات كثيرة متنوعة، يجتمعون في بعض المسائل، ويفترقون أحياناُ، إلى درجة القطيعة. والتى تنحدر خلافاتهم  إلى مستوى هائل من السباب والتخوين والفجور فى الخصومة  بل الفحش أحياناً  حيث ظهرت إنقسامات حادة مع بداية الألفية بين كل من ربيع المدخلي وتلميذه أيمن حداد وقرينه فالح الحربي والطامحين في كل دولة إلى مناهج أكثر اعتدالا كالمغراوي في المغرب والعيد شريفي في الجزائر و حسن المأربي في اليمن وأنصار الدعوة المحمدية في السودان والسبت في الإمارات والحلبي في الأردن انتهت بانقسام الحركة إلى مجموعة متطاحنة يبدع بعضها بعضا وكل منها ترى أنّ الحق عندها دون سواها.

استدراك (1) يقول الحافظ بن رجب : (ولما كثر اختلاف الناس في مسائل الدين وكثر تفرقهم كثر بسبب ذلك تباغضهم وتلاعنهم وكل منهم يظن أنه يبغض لله وقد يكون في نفس الأمر معذوراً وقد لا يكون معذوراً بل يكون متبعاً لهواه مقصراً في البحث عن معرفة ما يبغض فإن كثيراً كذلك إنما يقع لمخالفة متبوع يظن أنه لا يقول إلا الحق وهذا الظن قد يخطئ ويصيب وقد يكون الحامل على الميل إليه مجرد الهوى والألفة أو العادة وكل هذا يقدح في أن يكون هذا البغض لله فالواجب على المسلم أن ينصح لنفسه ويتحرز في هذا غاية التحرز وما أشكل منه فلا يدخل نفسه فيه خشية أن يقع فيما نهى عنه من البغض المحرم.)
(2)

مخالفاتهم للسلف الصالح  :

 

ومما خالفوا به السلف الصالح :

 الأمر الاول مسائل في باب الإيمان والإرجاء، فقد غلب عليهم الإرجاء حتى صدرت الفتاوى من كبار العلماء بالحكم على كبار منظريهم بأنهم مرجئة، كما أصدرت هيئة كبار العلماء فتواها في "على حسن الحلبي" – الذى استضافه الشيخ محمود عبد الرازق الرضوانى فى قناته " البصيرة" وأثنى على علمه ودعوته قبل أن ينقلب عليه كما انقلب على غيره -  الذي تقلد الإرجاء وحشى به كتبه وألصق بعضه ببعض كتب الشيخ الألباني وكذلك من يطالع مواقعهم لا يفصل كثيراً بين الأصول العقدية للمداخلة المصريين عن اقرانهم الخليجيين لذلك لم نفرق بينهما .

.

وكما أصدر الشيخ الفوزان فتواه في عبدالعزيز الريس بأنه مرجئ وأن كتابه في توحيد العبادة وشرح نواقض الإسلام قد ملأه إرجاء، ومع كل ذلك فلا زالوا ينافحون ليجعلوا هذا الإرجاء الذي تبرأ منه كبار علماء أهل السنة في عصرنا ،أن يجعلوه من أصول أهل السنة ، وجعلوا من خالفه خارجياً مبتدعاً

 

وكتب "الريس" ما فُهم أنها  توبته وتقدم بها إلى الشيخ الفوزان بدهاء  ليزكيه ويرفع عنه وصمة تبديعه التي سارت بها الركبان ووعد الشيخ أن يصحح ما في كتبه من إرجاء فكتب له الشيخ الفوزان تزكية بناء على هذه الوعود ، ولكنه لم يغير من منهجه  شيئاً بل تمادى في نشره واستغل هذه التزكية من الشيخ، مما اضطر الشيخ إلى الكلام .فيه مرة أخرى وبيان حقيقة ما رآه بدعته.

 

الأمر الثاني الذي خالفوا به السلف : كيفية التعامل مع الحكام

 

فالسلف وسط بين الخوارج الذي لا يرون لحاكم طاعة وبين المرجئة الذين يحجون لقصور الحكام . بل منهج السلف السمع والطاعة والنصح لهم والاحتساب على منكراتهم بالمعروف

.

وكان جمهور السلف يتهمون الذين يدخلون على الخلفاء والأمراء في دينه، فأتت الجامية لتقول أن القرب من الحكام هو القرب من السلفية، وإن التبجيل والتفخيم والثناء على الحكام هو أمارة السلفي، وأفسدوا جوهر السلفية بمثل هذه الأمور لأن أئمة السلف لم يكونوا ليقعوا في هذا المزلق، فالحاكم بطبيعته ليس هو العالم والداعية. فمنذ صدر الإسلام ومن بعد حكم الصحابة ، والحاكم يقع في تجاوزات ومظالم وأمور أخرى، فالعالم الصالح  يحتسب عليهم وينصح لهم ، ولا يشركهم في شيء من دنياهم، فلا يأخذ عليه العامة مداهنته لهم أو مشاركته لهم فيما يُستنكر عليهم.

 

استدراك (2) 
إذا رأيت العلماء على ابواب الملوك فقل بئس الملوك وبئس العلماء, وإذا رأيت الملوك  "
على أبواب العلماء فقل نعم الملوك ونعم العلماء-الامام على بن أبى طالب كرم الله وجهه  

فمخالفتم في الإيمان فهم مرجئة ويطوعون الولاء والبراء لمراميهم  ، والجهاد  هو   عندهم نظري فقط  ، وغلوهم في الرجال، ومعاملة الحكام 

 موقف الجامية من ثورات الربيع العربي 

:(3)


برز دور التيار المداخلي المتخاذل أثناء و بعد اندلاع ثورات الربيع العربي، حيث حرم ذلك التيار كل الأحداث التي وقعت منذ احداث الثورة التونسية وحتى الاحداث التي لا تزال تجري حالياً في سورية وغيرها ، وقالت إنها شر طاغى  أدى إلى مزيد من القتل وسفك الدماء، فضلا عن خراب الديار والبلاد.
يرون ثورات الربيع العربي شقت الصف والوحدة، بدعم دول اجنبية متورطة في تلك الأحداث لهدم البلدان العربية فى إطار هوسهم بنظرية المؤامرة الصهيو أمريكية الماسونية العابرة للقارات ونظرة عابرة على برامج قناة البصيرة التى يشرف عليها د- الرضوانى توحى للمشاهد أن ثورات الكرامة العربية مخطط غربى معد سلفاً لتمزيق الأمة الإسلامية وتأليب الشعوب وتفكك الدول لدويلات عرقية يسهل ابتلاعها ولا مانع من هجاء المختلفين معهم ونعتهم بأقذع الصفات والحكم على نواياهم واتهامهم بالأخونة والقطبيه وغيرها كما فعلوا مع التنظيمين والحركيين والعلميين فهم صفوة السلف وما عداهم باطل وشر مطلق حتى وصل الحال بأحد رموزهم – طلعت زهران – إلى القول بانه لو تولى علينا البابا شنودة – بابا الأقباط الراحل – لوجب له السمع والطاعة باعتباره " حاكم متغلب "!   وكان بعضهم يطلق على الرئيس المخلوع حسنى مبارك «أمير المؤمنين» وهؤلاء ما زالوا يرفضون محاكمته لأنه باعتقادهم جرى خلعه من السلطة بطريقة غير شرعية، ويعتبرون ذلك أصلا من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، ومخالفة هذا الأصل يعتبر خروجا على الحاكم المسلم وفى الخليج أفتى الشيخ ربيع المدخلي بحرمة الخروج على القذافي ،ووجوب قتل المتظاهرين والثوار حفظا للنظام العام ، وأفتى الشيخ سالم الطويل بالكويت بتجريم وتخطئة الثورة على نظام بشار الأسد ويزكيه
استدراك (3) : وصار الخلاف في الرأي يؤدي لاختلاف وتنافر القلوب والعداوة والبغضاء والسب واللمز وهذا والله فرحة الأعداء وهذا تفتت الدعوة الإسلامية ومن أراد أن يكون قوله هو المرجع عند الخلاف فقد دعا لنفسه أن يكون بمنزلة الرسول. 
العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -

هل السلفيون عملاء لأمن الدولة ؟!

كثر هذا الحديث من بعض العوام الذين لا يدرون أن التيار السلفى سائل غير متقولب يجمع فى طياته أقصى اليمين " السلفية الجهادية " وبعض مدراسهم تكفر الامن والجيش والشرطة لانهم اذناب الطواغيت وعصاه الباطشة بل ويستحلون دمائهم  وفى أقصى اليسار " السلفية المدخلية " والتى ترى بوجوب الطاعة المطلقة لمؤسسات الدولة ودعمها فى محاربة الدعاة والتضييق على من يرونهم " الغوغائيين المهيجين " فالوشاية بهم – كما يعتقدون -  من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى والتبليغ عن " الخوارج " ثواب وفضل عظيم ويحثون تلاميذهم على ذلك وقد اعترف قادتهم بذلك وبأنه درأ للمفاسد وواجب شرعى !
 وقد سُئلُ عبد العزيز العسكرُ عن حكم ِ العمل ِ مع المباحثِ – في شريطٍ مُسجّل ٍ بصوتهِ – فقالَ : وماذا يضيرُكَ لو عملتَ في المباحثِ ، وقمتَ بحمايةِ الدولةِ من المفسدينَ والخارجينَ !!
  وما وثيقة أمن الدولة والتى ظهرت بعيد اقتحام الثوار لمبنى أمن الدولة بلاظوغلى إبان المد الثورى 2011 والتى أوضحت دعم الأمن لهم وتلقيهم مرتبات شهرية ونصيحة حسن عبد الرحمن بإتاحه الفرصة لهم لمجابهة السلفيين والإخوان عنا ببعيد .

مستقبل الجامية القريب :
التيار  الجامى  في انحسار اليوم ، وخاصة بعد ثورات الربيع العربي ، و ليس له أي خطر على الدين والشريعة ؛ لأنها مكشوف عند العلماء وطلاب العلم  الذين ينفرون من سبهم وشتمهم للمخالفين لهم واحتكار الصواب المطلق  ، لكنْ خطـرُهم في التشويش على العامة وصغار طلاب العلم فلا مستقبل لهم فى ظل التغيرات الجيوسياسة  المستمرة فى المنطقة العربية .

 وختاماً قال الإمام الشافعى - رحمه الله - : " ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة " .


****************************************************************************



























الأحد، مايو 31، 2015

المدخليًة المصرية .. النشأة والرموز والأصول العقدية - الجزء الاول

(1)


يعرف هذا التيار  "بالجامية "نسبة لمحمد أمان الجامي الاثيوبي الاصل وهو المؤسس الحقيقي لهذا التيار أو يلقبون بـ "المدخلية " - وهو الإسم المتداول والذى سنستخدمه فى هذه الدراسة - نسبة الى "ربيع بن هادي المدخلي"  كما يسمى بتسميات أخرى مثل " سلفية المدينة " والذي يقوم أساس منهجهم على رفض الطائفية والفرقه والتحزب وطاعة الحكام مطلقاً والتخصص فى الجرح والتعديل ورفض العمل الجماعى واعتبار الحكم بما أنزل الله أمر فرعى وليس أصل عقدى .


يصفهم خصومهم بأنهم أدعياء السلفية، وبعضهم سماهم بغلاة الطاعة، وسماهم آخرون بخوارج الدعاة مرجئة الحكام، وفريق أخر لقبهم  بمرجئة العصر،بينما كان أشهر أسماءهم الأكاديمية هو (الجامية)، وهم ينفرون من كل هذه الأسماء ويتسمون بالسلفية ، وينسبون أنفسهم إلى السنة والأثر والسلف ، وينسبون أنفسهم  لكبار علماء العصر  كابن باز والألباني، والعثيمين والفوزان والعباد وهيئة كبار العلماء وغيرهم

ولايعنينا الإسم  بل المضمون، فالأشاعرة ما اشتهرت بهذا الاسم إلا بعد موت مؤسسها بزمن، مع أن ردود العلماء عليهم من بداية خروجهم. وبالتالى فالمسمى للتمايز والتفرقة 

يقوم منهجهم العقدى على رفض الطائفية والفرقه والتحزب وهي بالتحديد تصنف ضمن التيارات السلفية، من أدبياتهم الأساسيةعدم جواز معارضة الحاكم مطلقاً، وعدم إبداء النصيحة له في العلن، وتعتبر ذلك أصلاً من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، ومخالفة هذا الأصل يعتبر خروجاً على الحاكم المسلم - في مذهبهم 


يتميز التيار الجامى عن غيره من التيارات السلفية في اعتباره أن الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان، ومن هذا الأصل والمنطلق تشن هجومها الحاد على الجماعات الإسلامية والحزبية لأنها ضد مفهوم الجماعة - في رأيهم - ومن ثم فهم خوارج على النظام ومبتدعة في الدين، فالهدف الرئيسي عند المداخلة يتمثل في إنهاء الفرقة في الأمة والتفافها حول سلطانها.
ظهرت هذا التيار بعد تحرير الكويت عام 1991 في دول الخليج العربي والجزائر، وأحياناً يطلق عليهم الجامية نسبة للشيخ محمد أمان الجامي لتشابههم مع منهجه في بعض الأمور وخاصة أن ربيع المدخلي كان أحد أنجب طلابه.
يرون قصر الإيذان بالجهاد إذا توفرت شروطه وفق الكتاب والسنة فقط، وإنكار المنكر وفق الضوابط الشرعية، وعدم إبداء النصيحة للمسؤولين إلا سراً، ويؤمن المداخلة بأن كل حاكم مسلم تجب له السمع والطاعة ، أما الكافر إذا كان بالمقدور نزعه دون نزول الدم من المسلمين فيجب نزعه وإلا فيصبر المسلمون حتى يقض الله أمراً كان مفعولا ولي أمر له السمع والطاعة.

من أبرز رموزهم فى الوطن العربى  : (محمد آمان الجامي ، ربيع بن هادى المدخلى ،  فالح الحربى ، عبد الله السبت ، على الحلبى ، سليم الهلالى ، عبد المالك رمضانى ،محمد المغراوى )


بينما أشهر رموزهم فى مصر :(محمود لطفي عامر – أسامة القوصي – محمد سعيد رسلان – طلعت زهران – أبو بكر ماهر بن عطية – جمال عبدالرحمن – على حشيش – عبدالعظيم بدوي – محمد الأباصيرى – محمود عبد الرازق الرضوانى – هشام البيلى) وقد اخترق بعضهم جمعية " أنصار السنة المحمدية " وكتبوا فى مجلتها الشهرية وقامت مناوشات فكرية بين منهج الجماعة ومنهج المداخلة ..

 

لم يختلف "المداخلة" عن غيرهم من التيارات السلفية السلمية في اعتقادهم بعدم الخروج على الحاكم المسلم وإن كان فاسقا ولا يختلفون عن غيرهم أيضا من أنهم اعتبروا أن الخروج على الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه كان سبب الفتنة التي وقعت بين صحابة رسول الله وأن الخروج على ولاة الأمور هي السبب الفرقة والضعف والخوار الذي أصاب الدولة الاسلامية ..
الا أن المداخلة خلافا لكثير من التيارات السلفية تعتبر أنه لايجوز معارضة الحكم مطلقا ولا حتى إبداء النصيحة له في العلن وتعتبر ذلك أصلا من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة ومخالفة هذا الأصل يعتبر خروجا على الحاكم المسلم!


كما أن المدخلية تعتبر أن الاعتراف بالحاكم و الولاء له وحده لايكفي اذا لم يتم الاعتراف بمؤسسات الدولة الأخرى منصب المفتي مثلا أو بمؤسسة الأزهر كما أنه ليس لأحد أن يخرج عن فتوى علماء البلاد الرسميين فإذا حلل هؤلاء العلماء فوائد البنوك فإنه على الرعية المسلمة في هذه البلد الاذعان لتلك الفتوى وعدم مخالفتها ومن يخالف ذلك فإنه على طريق " الخوارج "!


كما تتمايز المدخلية عن غيرها من التيارات السلفية في أنها تعتبر أن الجماعة المسلمة هي الدولة والسلطان ومن ثم فهي تشن هجوما حادا على أية عمل جماعي وتناهض الجماعات الاسلامية والحزبية لأنها ضد مفهوم الجماعة في رأيهم ومن ثم فهم "خوارج "على النظام ومبتدعة في الدين وهجومهم عليهم تهدف الى انهاء الفرقة في الأمة والتفافها حول سلطانها .


استدراك (1) : قال ابن الجوزي _ رحمه الله _ في " صيد الخاطر " ( 43 ) : " ورأيت أقواماً من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عز وجل إليهم في الخلوات فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات فكانوا موجودين كالمعدومين ، لا حلاوة لرؤيتهم، ولا قلب يحن إلى لقائهم " .

(2)

صراع " المداخلة" مع" الجماعات"

بما أن الجذور والمنابع المنهجية للمداخلة -سعوديون ومصريون -واحدة فإن الاخوان كانوا على أجندة هجمات المداخلة المصريون بل زادت هذه الهجمات قوة وشراسة في الساحة المصرية على مايبدوا بسبب قوة الاخوان في مصر وانتشارها العددي والفكري في مقابل الزحف السلفي الآخذ في التمددأيضا .بما استدعى تكثيف الهجوم على الاخوان بما يناسب قوة وتوغل الجماعة في المجتمع المصري .
فالسلفية المدخلية ظهرت على السطح كتيار يحارب العمل الجماعي المنظم عموما والمعارض للدولة على وجه الخصوص والذي "ينازع الأمر أهله" بشكل أدق والاخوان تتوافر فيهم كل هذه الصفات وبالتالي ينزل عليهم حكم المداخلة بأنهم " خوارج " و"مبتدعة في الدين " واحدى الفرق الضالة "

فأسامة القوصي الذى كان جهادياً ثم تحول لجامياً بعد ملازمته للمحدث اليمنى الجامى "مقبل بن هادى الوادعى" صاحب الكتاب الأشنع " إسكات الكلب العاوى ..يوسف بن عبد الله القرضاوى" -  في محاضرة له وصف جماعة الإخوان المسلمين بأنها " أخطر جماعة في مصر " وبأنها " فكرة شيطانية " ومن تحت عبائتها خرجت جماعة التكفير والهجرة وحزب التحرير والجماعة الاسلامية ودعا الرجل في أكثر من موضع الى حظرها عمليا إضافة الى حظرها قانونيا لمنع أسباب الارهاب الفكري إلا أن الرجل التمس للنظام العذر في عدم اسئتصالها نهائيا لأن الاخوان مخترقون – حسب تعبيره – لكل مؤسسات الدولة ولذا فليس من السهل أن يقتلع الإخوان من البلد " لأنهم أخطبوط وسرطان " لكنه دعا الجميع للتعاون في استئصالها .

وفي المحاضرة ذاتها أصل القوصي لهجومه على جماعة الاخوان قائلا : أن الدعوة السلفية النقية هي جماعة أفهام لا جماعة أبدان وهي جماعة ربانية أسسها محمد (ص) وليست جماعة بشرية كجماعة الاخوان المسلمين التي وضعها بشر لاعصمة له حتى لو غررت بالشعارات الاسلامية وذكر بمقولة النبي (ص) "دعوها فإنها منتنة " – يعني العصبية القبلية والحزبية – كما استشهد الشيخ بأن المهاجرين والانصار أسمائهم منزلة من عند الله لكنهم كادوا أن يتحزبوا على أساسها لولا أن النبي حذرهم والجماعة المسلمة جماعة واحدة لا جماعات .
ويخلص القوصي في محاضرته الى أن الجماعة المسلمة هي الدولة وهي السلطان ومن ثم فإنه سيحارب أية عمل جماعي خارج على النظام الدولة وسيناهض الجماعات الاسلامية والحزبية لأنها في رأيه ضد مفهوم الجماعة وحربه ضدهم تهدف الى إنهاء التفرق في الأمة وإلتفافها حول سلطانها .

كما يرى أن رموز الدعوة الإسلامية مثل (الحويني ومحمد حسان وياسر برهامي ومحمد عبد المقصود ومحمد الزغبي )وغيرهم من الأسماء التي يُشار لها بالبنان في الدعوة والعلم والمكانة والمنزلة في قلوب المسلمين ليسوا من السلفية في شيء، فهم دعاة بدعة وضلالة، ووجب التحذير منهم وتنفير الناس عنهم تقربًا إلى الله تعالى

استدراك (2) : قال العلّامة ابن منده: “قد عجبتُ من حالي، فإنّي وجدتُّ أكثر من لقيتُه إن صدّقتُه فيما يقولُه مُداراة له، سمّاني مُوافقًا، وإن وقفتُ في حرفٍ من قوله أو في شيءٍ من فعله، سمّاني مُخالفًا، وإن ذكرتُ في واحدٍ منهما أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك، سمّاني خارجيًا، وإن قُرِئ عليّ حديث في التوحيد، سمّاني مُشبّهًا، وإن كان في الرؤية، سمّاني سالميًا“.

كما ألف "محمود لطفي عامر" – صاحب فتوى قتل القرضاوى والبرادعى لمعارضتهما مبارك 2010 – كتابا تحت عنوان ( تنبيه الغافلين بحقيقة فكر الاخوان المسلمين ) شن فيه هجوما شرسا على جماعة الاخوان المسلمين بالاضافة الى عدد كبير من المقالات والمحاضرات الصوتية والمرئية اتهم فيها جماعة الاخوان المسلمين بأنها جماعة تكفيرية خوارجية تتبنى مفاهيم العمل السري بل ان الرجل تعرض الى رموز الاخوان بالنقد العنيف من خلال تتبعه لسيرهم ومذكراتهم وأقوالهم لاثبات أنهم مبتدعة يخالفون شرع الله وخصص عامر فصلا في كتابه يتهم فيه حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمين بأنه صوفي وحزبي وهو اتهام من وجهة نظر الكاتب يجرح المتهم به ويسقطه .

وفي إحدى المحاضرات هاجم المنظر الأبرز للمداخلة المصريين الشيخ " محمد سعيد رسلان" - صاحب قناة " منهاج النبوة" والتى لا تبث سوى خطبه - عدد من رموز "جماعة الاخوان المسلمين "مستندا على كتب كتبتها تلك الرموز أو تصريحات صرحت بها الى الصحف لاثبات انحراف مناهج لجماعة.
فاعتبر رسلان أن ماقاله حسن البنا من أن خصومة الأمة مع اليهود ليست دينية لأن القرآن حث على مصاهرتهم ومصادقتهم وأن الاسلام شريعة انسانية قبل أن تكون شريعة قومية انحرافا عن عقيدة أهل السنة والجماعة وفهما مغلوطا وغريبا.
وفي المحاضرة نفسها هاجم رسلان المرشد الثالث لجماعة الاخوان عمر التلمساني لأنه اعترف في كتابه "ذكريات لا مذكرات" بأن في حياته بعض مالا يرضي المتشددين من الاخوان وغيرهم مثل حبه للرقص الافرنجي والموسيقى وحبه للانطلاق في حياته بعيدا عن التزمت الذي لم يقر به دين .

استدراك ( 3) ـ سُئِل الشيخ صالح الفوزان : سماحة الشيخ من هم علماء الجرح والتعديل في وقتنا الحاضر ؟.
الجواب : والله ما نعلم أحداً من علماء الجرح والتعديل في وقتنا الحاضر ، علماء الجرح والتعديل في المقابر الآن ، ولكن كلامهم موجود في كتبهم كتب الجرح والتعديل ، والجرح والتعديل في علم الإسناد وفي رواية الحديث ، وماهو الجرح والتعديل في سب الناس وتنقصهم ، فلان فيه كذا وفلان فيه كذا ، ومدح بعض الناس وسب بعض الناس ، هذا من الغيبة ومن النميمة وليس هو الجرح والتعديل. !

وعن رؤية السلفية "المدخلية" او ما يطلق عليهم "الرسلانيين" للسلفيين والانتخابات والوضع السياسي الحالي، يقول "هشام محمد زكي"، -أحد مؤسسي التيار الرسلاني في بني سويف، مدرس لغة عربية إعدادي بقرية كوم أبو خلاد بمركز ناصر-: "نحن نرفض الخروج على الحاكم، والإمام أحمد بن حنبل رغم ما تعرض له من إيذاء وتعذيب أثناء فتنة القول بخلق القرآن إلا أنه أمر بالسمع والطاعة للحاكم، وإذا قارنا اليوم بين السيسي والحكام المعتزلة في عهد أحمد بن حنبل، لرأينا مدى أفضلية الرئيس عبدالفتاح السيسي".
وحول الانتخابات قال زكي: "لن نشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ونحن بعيدون عنها ولا نؤيد أحد من أي اتجاه في الترشيح أو الانتخاب فكلها مخالفات شرعية تغضب الله، وكنا نتمنى أن يقوم الرئيس السيسي بتعيين البرلمان كله من ذوي الكفاءة، فالانتخابات فتنة ولا يقرها الشرع، وكان المفروض على الرئيس أن يختار هيئة استشارية له من ذوي الكفاءة وليس هناك داعٍ لإجراء انتخابات برلمانية من الأساس".
وأضاف زكي: "الانتماء لأي حزب سياسي أو جماعة دينية، هو مخالفة للشرع ولما كان عليه السلف الصالح، فالسلفيون اليوم وحزب النور التابع لهم مخالفون لمنهج السلف، والسلفيون يشكلون خطرًا على الإسلام وعلى الشعب المصري، والدولة المصرية، أكثر من الأحزاب العلمانية، قال تعالى "ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا" (الروم 30)، فهذه الآية دليل صريح على خطأ تصرفات هؤلاء وتقسيمهم الأمة لأحزاب سياسية وجماعات دينية.
حرب سلفية سلفية حول
وتابع زكي أن الشيخ محمد حسان، الذي أيد تلك الأحزاب السلفية ورحب بتأسيسها ودعا للانضمام إليها، كان قبل ثورة 25 يناير من أشد المحاربين لفكرة الأحزاب، وقال وأفتى بتحريمها، وذلك مسجل له بالصوت والصورة، موضحا أن الشيخ محمد حسان أيضًا كان يحرم التظاهر في عهد مبارك ويحرم الخروج على الحاكم، ولكن بعد ذلك رأيناه يقف مع الإخوان والجهاديين والسلفيين في خندق واحد في عهد محمد مرسي، عند جامعة القاهرة، ويتظاهر ويقود المسيرات، وأصبح مؤيدًا لفكر الخوارج، بحسب قوله.
واختتم زكي: "نحن كأتباع لفكر الدكتور محمد سعيد رسلان، نحرم الدعاء على الحاكم أو السلطان، ونرى أنه من السنة الدعاء له، والبدعة كل البدعة في الدعاء عليه".

المقال على : ( بوابة العاصمة الإخبارية



الثلاثاء، مايو 19، 2015

هل ذهب فضل " دكتور فضل" ؟ ! 2-2


(1)
إحدي أهم سمات "الدكتور فضل"، الانطواء والانعزال والبعد عن الحياة الاجتماعية، كانت مقابلته والالتقاء به من الأمور الصعبة حتي لأعضاء التنظيم الذين يعيشون معه في أفغانستان وبيشاور أو في معسكر الفاروق، كان سكرتيره الخاص يحدد خمس عشرة دقيقة للمقابلة بعد أن يقدر ضرورتها، مما أغضب الشباب حوله، لكنه الأمر الذي أهله لتحقيق النبوغ العلمي والتفرغ لتحصيل العلوم الشرعية والاطلاع علي أمهات الكتب في فروع الفقه وأصوله والعقيدة، ورغم اشتغاله المبكر بالعمل الحركي والتنظيمي، منذ شارك في تأسيس أول خلية جهادية عام 68 مع أيمن الظواهري، ثم توليه إمارة جماعة الجهاد التي تكونت في بيشاور 89، إلا أنه ما خُير بين الشرع والإدارة إلا اختار العلم الشرعي وترك الإدارة والإمارة طوعا، انعزل عن الإمارة وهو يمارسها فعلا فجعل الاختصاص لصديقه ورفيقه الدكتور أيمن الظواهري، وكان تفسيره لـ «البيعة السرية» أو ما 
وصفه بـ «البيعة لصفة التنظيم وليس لشخص بعينه».
يروى عنه المنظر الجهادى المستقل  المقيم فى لندن " د- هانى السباعى" – مدير مركز المقريزى للدراسات  التاريخية - : «الدكتور فضل من أفضل الذين ردوا علي (المرجئة) وأظهروا أباطيلهم، كما تناول قضية تعريف الإيمان التي وردت في حديث جبريل في منتهي الدقة»، ورغم هذا كله فإنه لم يغتر بعلمه، ولم ينكر أحد عليه ما وصل إليه حتي من اختلف معه، ربما هذه الصفات تفسر كثيرا سبب عدم تأثيره في بنية جماعة الجهاد عند تركه لها، رغم الحب الذي تمتع به، والهيبة التي تحققت له في نفوس أتباعه، لكن أحدا لم يتبعه عندما اختار طواعية أن يترك العمل التنظيمي ويغادر الجماعة، كانت صرامته وجديته سببا في عزلته الدائمة، عكس الدكتور أيمن الظواهري، الذي وإن اتسم أيضا بالهدوء وقلة الكلام إلا أنه كان دائم الصلة بالشباب منفتحا عليهم ملتصقا بهم.
(2)

دوى شديد أحدثته مقالة « المتاجرون بالإسلام » والتى نشرت على بعض المواقع الجهادية  والتى يتحدّث  فيها عن أن جهاز الأمن المصري في العهد الأسبق قد سمح للإخوان ومن وصفهم بأدعياء السلفية والفضائيات التابعة لهم بحرية النشاط , وذلك لصرف الشباب عن الالتحاق بالحركة الجهادية، فتضخمت تلك الجماعات التى ظلت مباحث أمن الدولة ترعى تسمينها طوال 30 سنة فى فترة حكم حسنى مبارك فى صفقات صريحة مع النظام ، مشيرا إلى أنه على الرغم من خلع مبارك فإن النظام باق كما هو لم يتغير بسبب تدخل الإخوان وأدعياء السلفية لإجهاض الثورة فى مقابل قبض الثمن ! وحسب ما جاء فى المقال، فإن معارضة شعبيّة وطنيّة حقيقية للنظام السابق ، كانت قد ظهرت بين صفوف الشعب المصري , لكن الإخوان سارعوا فى عرض خدماتهم بضرب هذه المعارضة فى مقابل مكاسب لهم ( وتم عقد صفقات ) مع النظام في هذا الشأن , وكله باسم الإسلام ، متابعا « لقد أتقن حسن البنا هذه اللعبة منذ أن حوّل جماعته إلى طابور تشريفات للملك فاروق يهتفون له (الله مع الملك)  فسمح لهم بالتمدد والانتشار
                                                                           
وكان البنّا يقدم خدماته للملك من ضرب الوفد إلى ضرب الشيوعيين فى مقابل السماح له بالتمدد والعمل على زيادة أتباعه بالشعارات الإسلامية التى كانوا ينقضونها على الدوام ، وينقضون إسلامهم بنصرتهم لحاكم لا يحكم بالإسلام.

وأشار الدكتور ( فضل ) إلى أن الإخوان يتحملون تبعات جرائم النظام السابق لأنهم أيدوه بل وشاركوه في رسم السياسات المدمّرة لمصر , كما أنّهم أعلنوا موافقتهم المسبقة على توريث الحكم لجمال مبارك , فقام مبارك بتسمينهم لمحاربة الحركة 
الجهادية، وهذا أقذر ما فعلوه على مدى تاريخهم الذى وصفه  بغير النظيف

وأضاف أنه فى عام 1990 وعندما كان يعمل جرّاحا” في مستشفيات المجاهدين الميدانيّة على الأرض الأفغانيّة ( أيام الجهاد الأفغانى ) كان يعمل معه كمساعد جراح الدكتور ( عماد عبد الغفور ) والذي عمل مساعدا” لرئيس الجمهورية الأسبق ( الدكتور مرسي ) ، حيث قال له الدكتور عماد , إن تلاعب حسن البنا بالإسلام وصل إلى الدرجة التى كتب له فيها الشيخ ( عبد الرحمن الوكيل ) رئيس جمعية أنصار السنة فى ذلك الوقت , رسالة فى مجلته بعنوان « يا بنّا , أقم وجهك للدين حنيفا! »

وقال إن الإخوان لم يتورعوا فى ارتكاب أقبح الكبائر التى سّماها الله بالفسق … من الكذب إلى الخداع إلى نقض الوعود والغدر بالحلفاء ، إلى المتاجرة بدماء الثوار، إلى الشماتة فى المظلومين، إلى التجسس على الناس والاستكبار على الآخرين ، وأتقنوا العيش على أوجاع الناس ، بل أتقنوا التلّون بكل الألوان والأكل على جميع الموائد ، فما ترك الإخوان وأدعياء السلفية شيئا من الكبائر إلّا وفعلوه

كما رمى  الداعية السلفى الشهير" محمد حسان" بالكفر على حد قوله، لأنه قال : ( إن الدكتور محمد مرسى له شرعية قرآنية ونبوية بالمعاندة لكلام الله .. ) ، واصفا إياهم بأنهم يلعبون بدين الإسلام كما يلعب الصبيان بكرة الشراب

وأكد أن كل من انتخب هذا الرئيس الكافر ( ويعني الرئيس مرسي ) أو أيّده أو عاون فى ذلك بأى دعاية أو تمويل ولو بقرش، ولو كانوا بالملايين، فهم كفار مرتدون، لأنهم أرادوا دوام حكم الكفر بمصر ولا عذر لأحد منهم بجهل ولا شُبهة ولا تأويل

وتمادى الدكتور فى تشديده على كفرهم بأن قال :… ( وكل هؤلاء المرتدين صلاتهم باطلة، وصلاة من صلى خلفهم باطلة، وعليه الإعادة وإن طال الزمن إن كان مسلما، ومساجدهم التى ينصرون فيها هذا الكفر هى مساجد ضرار، ومقرات أحزابهم هى مقرات للكفر بالله، مضيفا أنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وانشغلوا بفروج النساء من الختان إلى سن الزواج إلى نائب الفعل الفاضح
وتعلّموا نواقض الوضوء ولم يتعلموا نواقض الإسلام فوقعوا فيها، وظن بعض الناس أن هؤلاء مسلمون، فكرهوا الإسلام نفسه حتى خلع بعض النساء الحجاب

وتابع « لقد أصبح الرئيس الإخوانى يحكم بميليشيا حزبه ، يرسلهم ليحاصرون المحاكم ويهددون القضاة , بل ويمنعونهم من الدخول لقاعات محاكمهم لمزاولة أعمالهم ويرهب خصومه بهم ويسكت عنهم، فتحولت مصر إلى حكومة بلطجيّة وميليشيات تماما” كما يحدث في لبنان - على حد قوله


بينما كشف ( مُنظّر الجهادية السلفية ) أن زعيم تنظيم القاعدة ( أسامة بن لادن ) كان له دور فى رفع أسهم الإخوان لدى أمريكا   موضحا ذلك بقوله كانت كل الحركات الجهادية ببلاد المسلمين ذات أهداف محلية كمعارضة لحكام بلادها ، ولم تفكر يوما” فى الصدام مع أمريكا , إلى أن جاء ( الإخوانى السعودى بن لادن ) ليدفع ببعض هذه الحركات للصدام مع أمريكا لتحقق هدفين
الهدف الأول :… رفع أسهم ما يسمى بالإسلام المعتدل (جماعة الإخوان) لدى أمريكا كبديل مقبول ( في المستقبل ) ، فقامت أمريكا بالتعامل معهم ( على هذا الأساس ) لصد الحركات الجهادية وسحب الشباب منها ، لا لإقامة الحكم الإسلامى الحقيقى

والهدف الثانى : … هو إضعاف الحركات الجهادية بتلك الصدامات، وقد تحقق هذا منذ بدأ بن لادن صدامه مع أمريكا 1998، فضربت أمريكا جماعة الجهاد المصرية، ثم بعد تفجيراته فى أمريكا فى 11سبتمبر 2001 احتلت أمريكا أفغانستان وقامت بضرب وتشريد أكثر من 20 حركة جهادية من شتى بلاد المسلمين ( كانت تتخذ من أفغانستان مقرا لها ، ولم تكن متعاونة مع بن لادن ) بل كانت تعارض تصرفاته وتراها ضررا عليها، وظلت أمريكا تتعقب تلك الحركات كعدو حقيقى لها ، وتوقع بها الضربات وتلحق بها الخسائر حتّى ضعفت تلك الحركات الجهادية كثيرا فى مقابل تسمين الإخوان وتصعيدهم

وختم مُنظّر الجهادية السلفية قوله : إنه وبعد أكثر من ثمانين سنة من الدّجل والمتاجرة بالإسلام وخداع المغفلين باسم الدين، ( آلت للإخوان رياسة مصر وبرلمانها والنقابات والإعلام بوزارته وصحفه وإذاعته وتليفزيونه وفضائياته المتعددة، ومعهم مجلس حقوق الإنسان للتغطية على جرائمهم بحق المصريين وتجميل صورتهم، ومعهم التنظيم الدولى والتمويل السرّى، ومعهم أمريكا وإسرائيل ) …. إلا أنه من المؤكد أن الإسلام ليس معهم  !                                                       
(3)

بُعيد هذا الاضطراب الفكرى الذى مر به "الأمير" تهيأت الفرصة الذهبية لفضائيات الثورة المضادة أثناء حُكم الرئيس الأسبق " محمد مُرسى" – فك الله كربه -  المعنية بوصم الحركة الإسلامية بالرجعية والجمود والتطرف والإرهاب وإفشال تجربتهم فى الحكم  فاستضافه الإعلامى الليبرالى  الداهية " عماد الدين أديب " فى برنامجه " بهدوووء"

وفي اول ظهور إعلامي له بعد السجن فاجئ د "سيد امام الشريف" الساحة الإسلامية بتكفيرها جميعا وإلقاء أحكام الردة عليها، ورمي جميع قيادتها ودعاتها المشهورين بالكفر البواح بل وإستخدم مصطلح "مرتدين" وأعتبر "الإخوان المسلمين" طائفة من الفرق المارقة  ورئيسهم الذي يتبني الديمقراطية كبير الكفار.! واضاف أن كل من انتخب مرسى وغيره  وأيده يقع فى نفس دائرة الكفر وأكد أنه لا توجد دولة واحدة مسلمة حالياً ! والمذيع يتقمص دور المحايد باصطناع  ولا يقاطع الضيف بل ويناديه بفضيلتك دون أن يستضيف أحد علماء " الأزهر الشريف" للرد عليه أو حتى فتح التليفونات للمواطنين للمشاركة الحوارية كما يفعل فى العادة !

حتى بلغ مبلغ لم يصل أحد من العالمين قبله أثناء الحوار قائلاَ أن جميع حكام مصر منذ "محمد على" وحتى "مُرسى" كفار .! وبالطبع يكون هذا عنوان مثير ومطلوب للقناة لتضعه وسط شاشتها وكذلك تكرر الأمر باستضافة الإعلامي الماركسي " يوسف الحسيني " للأمير فى حلقة تعدت الساعة والنصف دون أن يبدى أى استغراب لهذه الافكار الشاذة على قناة " أون تى فى " المملوكة للملياردير القبطي المتطرف " نجيب ساويرس"!

(4)
الأمير شخص واحد .. وثلاث وجوه



مرحلة الثمانينيات والتسعينيات
سطر دكتور سيد إمام تصوره عن الأوضاع في كتابيه (العُمدة والجامع) ومختصره هو تكفير كل حاكم يحكم بغير ما أنزل الله بالإضافة إلى أنصاره و تكفير المشاركين في العملية الديمقراطية سواء الناخب أو المنتخب , ومن أراد التفصيل فليرجع إليهما

قبيل الثورة
سطر مراجعاته والتى نادى فيها فيها بتجنب القتل على الجنسية ووجوب عهد الأمان للذمى غير المحارب وحرمه استهداف السياح الاجانب وغيرها من أخطاء الممارسة الجهادية المعاصرة

بعيد الثورة
عاد ليكفر الحاكم بغير ما أنزل الله والمتمثل وقتها  في "مرسي" وكل من انتخبه وكل من شارك في الديمقراطية حتى من التيارات الأخرى وتحدث بتفصيل في هذه الأمور في سلسلة مقالات "المتاجرون بالإسلام" و " إخوان ولكن ليسوا شهداء وليسوا مسلمين" و " جمعة نصرة السفهاء ومساجد الضرار لا نصرة العلماء ومساجد المسلمين" ثم عاد لصومعته مرة أخرى منكفئاً على ذاته

اعتقد أن الأمير حالة سيكولوجية مليئة بالشغف والإصراروالتحدى  جديرة بالدراسة لأصحاب المراكز البحثية النفسية لبيان الاضطراب الفكرى الذى يصيب بعض القادة الكاريزميين ويؤثر على اجتهاداتهم المتغيرة باستمرار

 ولنا أن نسأل : هل ذهب فضل " دكتور فضل" ؟!

المقال على " بوابة العاصمة الإخبارية "  وعلى " بوابة الإسلاميون " 


******************************************************
المُلحقـــــــات :

1-مراجعات «الجهاد».. هدنة لالتقاط الأنفاس.. أم بداية جديدة؟
 جريدة " الوطن " القطرية  العدد 5848   07/09/2011 الأربعاء

2-تفريغ نصى لحلقة نقاشية بقناة الجزيرة الفضائية


3- حوار مع عماد أديب  ( يوتيوب)

وهنا تفريغ نصى لهذا الحوار : https://www.facebook.com/MrsymkWharqDmk/posts/179345592218098

4- حوار مع يوسف الحسينى ( يوتيوب)

5- حوار مع محمود الوروارى (يوتيوب)


6- أونا تنشر / سيد إمام : جميع حكام مصر منذ محمد على وحتى مرسى كفار http://onaeg.com/?p=985456

7- مُنظر المراجعات (سيد إمام) : الإخوان مرتدين ورأس الكفر أبو إسماعيل


8- ملخص الوثيقة بقلم دكتور فضل

www.jihadica.com/wp-content/uploads/2008/05/tarshid-al-jihad.pdf

9- عبد المنعم منيب : عرض الوثيقة http://www.sudaress.com/sudansite/850

10- الجهاديون الجدد:. فقيه القاعدة المتواضع: سيد إمام الشريف-  موقع " نقطة"

 http://www.noqta.info/page-73154-ar.html